وأما المسألة الثانية: من المسائل الثلاث الأول التي هي أصول هذا الباب وهي هل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الامام أداء، أو قضاء، فإن في ذلك ثلاثة مذاهب:
قوم قالوا: إن ما يأتي به بعد سلام الامام هو قضاء وإن ما أدرك ليس هو أول صلاته وقوم قالوا: إن الذي يأتي به بعد سلام الامام هو أداء، وإن ما أدرك هو أول صلاته وقوم فرقوا بين الأقوال والأفعال، فقالوا: يقضي في الأقوال يعنون في القراءة، ويبني في الأفعال يعنون الأداء، فمن أدرك ركعة من صلاة المغرب - على المذهب الأول: أعني مذهب القضاء - قام إذا سلم الامام إلى ركعتين يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة من غير أن يجلس بينهما. وعلى المذهب الثاني: أعني على البناء قام إلى ركعة واحدة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ويجلس، ثم يقوم إلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن فقط. وعلى المذهب الثالث يقوم إلى ركعة، فيقرأ فيها بأم القرآن وسورة ثم يجلس ثم يقوم إلى ركعة ثانية يقرأ فيها أيضا بأم القرآن وسورة. وقد نسبت الأقاويل الثلاثة إلى المذهب، والصحيح عن مالك أنه يقضى في الأقوال، ويبنى في الأفعال، لأنه لم يختلف قوله في المغرب أنه إذا أدرك منها ركعة أن يقوم إلى الركعة الثانية ثم يجلس، ولا اختلاف في قوله إنه يقضي بأم القرآن وسورة. وسبب اختلافهم: أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور: فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا والاتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته، وفي بعض فاقضوا والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته، فمن ذهب مذهب الاتمام قال: ما أدرك هو أول صلاته، ومن ذهب مذهب القضاء قال: ما أدرك هو آخر صلاته، ومن ذهب مذهب الجمع جعل القضاء في الأقوال ، والأداء في الأفعال، وهو ضعيف: أعني أن يكون بعض الصلاة أداء وبعضها قضاء.
واتفاقهم على وجوب الترتيب في أجزاء الصلاة، وعلى أن موضع تكبيرة الاحرام هو افتتاح الصلاة، ففيه دليل واضح على أن ما أدرك هو أول صلاته، لكن تختلف نية المأموم والامام في الترتيب، فتأمل هذا. ويشبه أن يكون هذا هو أحد ما راعاه من قال: ما أدرك فهو آخر صلاته.
وأما المسألة الثالثة: من المسائل الأول، وهي متى يلزم المأموم حكم صلاة الامام في الاتباع، فإن فيها مسائل. إحداها: متى يكون مدركا لصلاة الجمعة. والثانية: متى يكون مدركا معه لحكم سجود السهو: أعني سهو الامام. والثالثة: متى يلزم المسافر الداخل وراء إمام يتم الاتمام إذا أدرك من صلاة الامام بعضها؟
فأما المسألة الأولى: فإن قوما قالوا: إذا أدرك ركعة من الجمعة، فقد أدرك الجمعة ويقضي ركعة ثانية، وهو مذهب مالك والشافعي فإن أدرك أقل صلى ظهرا أربعا. وقوم قالوا: بل يقضي ركعتين أدرك منها ما أدرك، وهو مذهب أبي حنيفة. وسبب الخلاف في