مال الوالدين. أو الأجداد. أو الجدات، قال مالك. وأبو ثور: عليهما القطع في ذلك، وقال الثوري. وأبو حنيفة. وأصحابه: لا قطع على كل من سرق مالا لاحد من رحمه المحرمة، وقال أصحابنا: القطع واجب على من سرق من ولده. أو من والديه. أو من جدته. أو من جده. أو من ذي رحم محرمة. أو غير محرمة واتفقوا كلهم أنه يقطع فيما سرق من ذي رحمه غير المحرمة، وفيما سرق من أمه من الرضاعة، وابنته وابنه من الرضاعة وأخوته من الرضاعة * قال أبو محمد: فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر في ذلك لنعلم الحق فنتبعه بعون الله تعالى فنظرنا في قول من أسقط القطع عن الأبوين في مال الولد إذا سرقه فوجدناهم يحتجون بالثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: " أنت ومالك لأبيك " قالوا: فإنما أخذ ماله وقالوا: لو قتل ابنه لم يقتل به ولو زنى بأمة ابنه لم يحد لذلك فكذلك إذا سرق من ماله قال وفرض عليه ان يعفف أباه إذا احتاج إلى الناس فله في ماله حق بذلك، وقالوا له في ماله حق إذا احتاج إليه كلف الانفاق عليه، وقالوا قال الله تعالى: (وبالوالدين احسانا) وقال تعالى: (ان اشكر لي ولوالديك) وقال تعالى: (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) إلى قوله: (كما ربياني صغيرا) فليس قطع أيديهما فيما أخذ من ماله رحمة، فهذا كل ما شغبوا به في كل ذلك وكل ذلك لا حجة لهم في شئ منه بل هو عليهم كما نبين إن شاء الله تعالى * أما ما ذكروا من القرآن فحق الا أنه لا يدل على ما ادعوا من اسقاط القطع فيما سرقوا من مال الولد ولا على اسقاط الجلد والرجم أو التغريب إذا زنى بجارية الولد ولا على اسقاط الحد إذا قذف الولد ولا على اسقاط المحاربة إذا قطع الطريق على الولد * أما قوله تعالى: (وبالوالدين احسانا) فان الله تعالى أوجب الاحسان إليهما كما أوجبه علينا أيضا لغيرنا قال الله تعالى: (وبالوالدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والجار ذي القربى) الآية فان كانت مقدمة الآية حجة بوجوب الاحسان إلى الأبوين في اسقاط القطع عنهما إذا سرقا من مال الولد فهي حجة أيضا ولا بد في اسقاط القطع عن كل ذي قربى وعن ابن السبيل وعن الجار الجنب. والصاحب بالجنب إذا سرقوا من أموالنا وهذا ما لا يقولونه فظهر تناقضهم وبطل احتجاجهم بالآية، وأيضا فالامر بالاحسان ليس فيه منع من إقامة الحدود بل إقامتها عليهم من الاحسان إليهم بنص القرآن لقول الله تعالى: (ان الله يأمر بالعدل والاحسان) وقد أمرنا بإقامة الحدود فاقامتها على من أقيمت عليه
(٣٤٤)