فكذلك إذا سرق من ماله لم يحد فكلام باطل واحتجاج للخطأ بالخطأ بل لو قتل ابنه لقتل به ولو قطع له عضوا أو كسره لاقتص منه ولو قذفه لحد له ولو زنى بأمته لحد كما يحد الزاني وقد بينا كل هذا في أبوابه في كتاب الدماء. والقصاص. وحد الزنا وحد القذف * قال أبو محمد رحمه الله: فإذ لم يبق لهم حجة أصلا فالواجب أن نرجع عند التنازع إلى ما افترض الله تعالى على المسلمين الرجوع إليه إذ يقول: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) الآية ففعلنا فوجدنا الله تعالى يقول: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ووجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوجب القطع على من سرق، وقال: " ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام " فلم يخص الله تعالى في ذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ابنا من أجنبي ولا خص في الأموال مال أجنبي من مال ابن (وما كان ربك نسيا) وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد تخصيص الأب من القطع لما أغفله ولا أهمله قال تعالى: (تبيانا لكل شئ) فصح أن القطع واجب على الأب والام إذا سرقا من مال ابنهما ما لا حاجة بهما إليه ثم نظرنا في قول من احتج به من رأى اسقاط القطع عن الابن إذا سرق من مال أبويه وعن كل ذي رحم محرمة فوجدناهم يحتجون بقول الله تعالى: (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو من بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم) الآية إلى قوله تعالى: (أو صديقكم) قال: فإباحة الله تعالى الاكل من بيوت هؤلاء يقتضي إباحة دخول منازلهم بغير إذنهم فإذا جاز لهم دخول منازلهم بغير إذنهم لم يكن مالهم محرزا عنهم ولا يجب القطع في السرقة من غير حرز، وقالوا أيضا فان إباحة الاكل من أموالهم تمنعهم وجوب القطع لما لهم فيه من الحق كالشريك قالوا: وأيضا فان على ذي الرحم المحرمة أن ينفق على ذي رحمه عند الحاجة فصار له بذلك حق في ماله بغير بدل فأشبه السارق من بيت المال قالوا: ولما كان محتاجا إلى ما ينفقه عليه لا حياء نفسه كان ذلك لازما في جميع أعضائه فلذلك يسقط القطع عن اليد * قال أبو محمد رحمه الله: فهذا كل ما موهوا به ولا حجة لهم في شئ منه أصلا على ما نبين إن شاء الله تعالى، فأما الآية فحق ولا دليل فيها على ما ذكروا بل هي حجة عليهم وقد كذبوا فيها أيضا أما كونها لا دليل فيها على ما ادعوه فإنه ليس فيها اسقاط القطع على من سرق من هؤلاء لا بنص ولا بدليل وإنما فيها إباحة الاكل لا إباحة الاخذ بلا خلاف من أحد من الأمة (فان قالوا): قسنا الاخذ على الاكل (قلنا لهم):
(٣٤٦)