احسان إليه وإنها تكفير وتطهير لمن أقيمت عليه وهم لا يختلفون في أن إماما لو كان له أب أو أم فسرقا فان فرضا عليه إقامة القطع عليهما فبطل تمويههم بالآية جملة وصح أنها حجة عليهم * وأما قوله تعالى: (أن اشكر لي ولوالديك) فحق ومن الشكر إقامة أمر الله تعالى عليهما وليس يقتضي شكرهما اسقاط ما أمر الله تعالى به فيهما والذي أمر بشكرهما تبارك اسمه هو الذي يقول: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) فصح أمر الله تعالى بالقيام عليهم بالقسط وبأداء الشهادة عليهم ومن القيام بالقسط إقامة الحدود عليهم وبالله تعالى التوفيق، وهكذا القول في قوله تعالى: (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) الآية فليس في شئ من هذا اسقاط الحد عنهم في سرقة من مال الولد ولا في غير ذلك والله تعالى يقول: (أشداء على الكفار رحماء بينهم) ولم يكن وجوب الرحمة لبعضنا مسقطا لإقامة الحدود بعضنا على بعض فبطل تعلقهم بالآيات المذكورات جملة * وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت ومالك لأبيك " فقد أوضحنا ذلك أن ذلك خبر منسوخ قد صح نسخه بآيات المواريث وغيرها، وأول من يحتج بهذا الخبر فالحنيفيون.
والمالكيون. والشافعيون لأنهم لا يختلفون في أن الأب إذا أخذ من مال ابنه درهما وهو غير محتاج إليه فإنه يقضى عليه برده أحب أم كره كما يقضى بذلك على الأجنبي ولا فرق ولو كان مال الولد للوالد لما قضى عليه برد ما أخذ منه فإذ قد صح أن هذا الخبر منسوخ وصح أن مال الولد للولد لا للوالد فقد صح أنه كمال الأجنبي ولا فرق * (فان قالوا) ان للوالدين حقا في مال الولد لأنهما إذا احتاجا أجبر على أن ينفق عليهما وعلى أن يعف أباه فإذ له في ماله حق فلا يقطع فيما سرق منه فهذا تمويه ظاهر ولم يخالفهم أحد في أن الوالدين إذا احتاجا فأخذا من مال ولدهما حاجتهما باختفاء أو بقهر أو كيف أخذاه فلا شئ عليهما فإنما أخذا حقهما وإنما الكلام فيهما إذا أخذا ما لا حاجة بهما إليه إما سرا وإما جهرا فاحتجاجهما بما ليس من مسألتهما تمويه وهم لا يختلفون فيمن كان له حق عند أحد فأخذ من ماله مقدار حقه فإنه لا يقطع ولا يقضى عليه برده فلو كان وجوب الحق للأبوين في مال الولد إذا احتاجا إليه مسقطا للقطع عنهما إذا سرقا من ماله ما لا يحتاجان إليه ولا حق لهما فيه لوجب ضرورة أن يسقط القطع عن الغريم الذي له الحق في مال غريمه إذا سرق منه ما لا حق له فيه وهذا لا يقولونه فبطل ما موهوا به من ذلك والحمد لله رب العالمين * وأما قولهم: لو قتل ابنه لم يقتل به ولو قطع له عضوا وكسره لم يقتص منه ولو قذفه لم يحد له ولو زنى بأمته لم يحد