فان أقر بتهديد وعذاب فلا قطع عليه أصلا أحضر السرقة. أو لم يحضرها إذ قد يدرى موضعها، أو جعلت عنده فلا قطع عليه، وإن كان أقر بلا تهديد ولا عذاب فالقطع عليه اخرج السرقة. أو لم يخرجها لما ذكرنا قبل، وأما قول ربيعة ان لا يؤخذ المكره باعتراف إلا أن يأتي وجه البينة والمعرفة انه صاحب تلك السرقة فقول صحيح لا شك فيه انه إذا جاء ببيان يتيقن به دون شك انه سرقها فالقطع واجب وسواء حينئذ أقر تحت العذاب أو دون عذاب وكذلك لو عذب أو أقر وجاءت بينة تشهد بأنهم رأوه يسرق لوجب قطع يده بالسرقة لا باقراره، وقد قلنا: إن إحضار الشئ المسروق ليس بيانا في أنه هو سرقه وإنما هو ظن ولا يحل قطع يد مسلم بالظن، قال الله تعالى: (ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث " * قال أبو محمد رحمه الله: وقد روينا عن أبي بكر الصديق بحضرة عمر بن الخطاب وسائر الصحابة رضي الله عنهم انه قطع الا قطع باقرار مجرد دون احضار السرقة وان السرقة إنما وجدت عند الصائغ أو عنده وقد يمكن ان توضع في رحله بغير علمه * حدثنا حمام نا ابن مفرج نا ابن الاعرابي نا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر. وسفيان الثوري كلاهما عن الأعمش عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال:
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: اني سرقت فرده فقال: اني سرقت فقال: شهدت على نفسك مرتين فقطعه، قال عبد الرحمن: فرأيت يده في عنقه معلقة، وبه إلى عبد الرزاق عن ابن جريج قال قلت لعطاء: رجل شهد على نفسه مرة واحدة قال: حسبه * قال أبو محمد رحمه الله: إنما أوردنا هذا لئلا يشغبوا فيما يذكرونه من احضار السرقة بما ذكرنا عن ابن عمر فأوجدناهم عن علي أصح مما وجدوا لابن عمر قطعا بغير احضار السرقة وكذلك عن عطاء والا فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم * قال أبو محمد رحمه الله: وقال بعض من لا يرى درأ الحد عن السارق برجوعه انه ان أقر ثم رجع فلا قطع عليه لكن يغرم السرقة الذي أقر أنه سرقها منه وهذا تناقض وخطأ لأنه لم يقر له بشئ الا على وجه السرقة (قلنا): فلا يخلو اقراره ذلك ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما، اما أن يكون صادقا في أنه سرق منه ما ذكر أو يكون كاذبا في ذلك، فإن كان صادقا فقد عطلوا الفرض إذ لم ينفدوا عليه ما أمر الله تعالى به من قطع يد السارق، وإن كان كاذبا فقد ظلموه إذ غرموه ما لم يجب له عنده فقط، ولا