مالها ولم ير عليها القطع إذا سرقت من ماله فوجدناهم يقولون إن الرجل لا حق له في مال المرأة أصلا فوجب القطع عليه إذا سرق منه شيئا لأنه في ذلك كالأجنبي فوجدنا المرأة لها في ماله حقوقا من صداق ونفقة وكسوة وإسكان وخدمة فكانت بذلك كالشريك ووجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لهند بنت عتبة إذ أخبرته أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها وولدها فقال لها عليه السلام: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " قالوا فقد أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يدها على مال زوجها تأخذ منه ما يكفيها وولدها فهي مؤتمنة عليه كالمستودع ولا فرق قالوا: والزوج بخلاف ذلك لان الله تعالى قال: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا) الآية، وقال تعالى: (فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) فبين الله تعالى تحريم القليل من مالها والكثير عليه * قال أبو محمد رحمه الله: أما قولهم إن لها في ماله حقوقا من صداق ونفقة وكسوة واسكان وخدمة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلق يدها على ماله حيث كان من حرز أو غير حرز لتأخذ منه ما يكفيها وولدها بالمعروف إذا لم يوفيها وإياهم حقوقهم فنعم كل هذا حق واجب وهكذا نقول ولكن لا يشك ذو مسكة من حس سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطلق يدها على ما لا حق لها فيه من مال زوجها ولا على أكثر من حقها فإذ لا شك في ذلك فإباحة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم لاخذ الحق والمباح ليس فيه دليل أصلا على اسقاط حدود الله تعالى على من أخذ الحرام غير المباح ولو كان ذلك لكان شرب العصير الحلال مسقطا للحد عنه إذا تعدى الحلال منه إلى المسكر الحرام ولا فرق بين الامرين فإذ ذلك كذلك فلها ما أخذت بالحق وعليها ما افترض الله تعالى من القطع فيما أخذت بوجه السرقة للحق الواجب حكمه وللمباح حكمه وللباطل المحرم حكمه (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) وهي في ذلك كالأجنبي سواء سواء يكون له حقوق عند السارق فمباح له أن يأخذ حقه ومقدار حقه من مال الذي له عنده الحق من حرز أو من غير حرز نعم ويقاتله عليه ان منعه ويحل له بذلك دمه وهو مأجور في كل ذلك فان تعمد أخذ ما ليس له بحق فان تعمد أخذه بافساد طريق فهو محارب له حكم المحارب وان أخذه مجاهرا غير مفسد في الأرض فله حكم الغاصب وإن اخذه مختفيا فله حكم السارق. والمحارب هذا والزوجة في مال زوجها كذلك لان الله تعالى لم يخص إذ أمر بقطع السارق والسارقة الا أن تكون زوجة من مال زوجها ولا يكون زوج من مال زوجته (وما كان ربك نسيا) فصح يقينا أن القطع فرض واجب على الأب والام إذا سرقا من مال ابنهما وعلى الابن والبنت إذا سرقا من مال أبيهما. وأمهما ما لم يبح لهما أخذه وهكذا
(٣٤٩)