أو لا يكونا مالا له، ولا سبيل إلى قسم ثالث أصلا فان كانت الخمر. والخنزير مالا للذمي لهما قيمة فالقطع فيهما واجب على أصولهم إذا بلغ كل واحد منهما ما فيه القطع وإن كان الخمر. والخنزير لا قيمة لهما وليسا مالا للذمي فبأي وجه قضوا بضمان ما لا قيمة له ولا هو مال وهل هذا منهم الا قضاء بالباطل؟ وإيكال مال بغير حق لا سيما وهم يقولون: ان المسلم إن سرق خمرا لمسلم. أو خنزيرا لمسلم فلا قطع ولا ضمان لأنهما ليسا مالا له ولا لهما قيمة، والعجب كله كيف يقضون بضمانهما عليه وهو لا سبيل له إلى قضائهما لأنه عندهم مما يكال أو يوزن ففيهما المثل عندهم، ثم نظرنا في قول من رأى القطع في ذلك والضمان وقول من لا يرى في ذلك لا قطعا ولا ضمانا فنظرنا فيمن رأى القطع والضمان فلم نجد لهم حجة أصلا إلا أن قالوا: إنها مال لهم ولها قيمة عندهم فقلنا:
لهم أخبرونا أبحق من الله تملكوها واستحقوا ملكها وشربها أم بباطل؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث (فان قالوا): بحق وأمر من الله تعالى كفروا بلا خلاف وهم لا يقولون هذا. ويلزمهم أن يقولوا أن دين اليهود والنصارى حق وهذا لا يقوله مسلم أصلا قال الله تعالى: (ان الدين عند الله الاسلام) وقال تعالى: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) فإذا قد صح ما قلنا وصح أن الله تعالى حرم شرب الخمر على كل مسلم وكافر.
وحرم بيعها على كل مسلم وكافر. وحرم ملكها على كل مسلم وكافر بقوله تعالى آمرا للرسول عليه السلام ان يقول: (يا أيها الناس اني رسول الله إليكم جميعا) وبقوله عليه السلام " كل مسكر حرام وان الذي حرم شربها حرم بيعها " ثبت أنها ليست مالا لاحد وأنه لا قيمة لها أصلا. وكذلك الخنزير للتحريم الوارد فيه جملة فإذ قد حرم ملكها جملة كان من سرقها لم يسرق مالا لاحد لا قيمة لها أصلا ولا سرق شيئا يحل ابقاؤه جملة فلا شئ عليه والواجب هرقها على كل حال لمسلم وكافر. وكذلك قتل الخنازير، وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد رحمه الله: واما من سرق ميتة فان فيها القطع لان جلدها باق على ملك صاحبها يدبغه فينتفع به ويبيعه (فان قيل): ما الفرق بين الخنزير والميتة أوجبتم القطع في الميتة من اجل جلدها ولم توجبوا القطع في الخنزير فهلا أوجبتموه من اجل جلده وجلده وجلد سائر الميتات سواء في جواز الانتفاع به وبيعه إذا دبغ؟ * (فجوابنا) أن الفرق بينهما في غاية الوضوح ولله الحمد وهو أن الميتة كانت في حياتها متملكة لصاحبها بأسرها فلما ماتت سقط ملكه عن لحمها. وشحمها. ودمها ومعاها. وفرثها. ودماغها. وغضاريفها لان كل هذا حرام مطلق التحريم وبقي