من قال لا حد عليهما يحتج بأن قال: هو قول روي عن علي بن أبي طالب بحضرة الصحابة ولا مخالف له منهم فلا يجوز تعديه وقالوا ادرءوا الحدود بالشبهات وأوجب هذه شبهة قوية وقالوا لا خلاف بين أحد من الأمة في أن رجلا لو وجد يطأ أمة معروفة لغيره فقال الذي عرف ملكها له قد كان اشتراها مني وقال هو كذلك وأقرت هي بذلك أنه لا حد عليهما فهذا مثله * قال أبو محمد رحمه الله: ما نعلم لهم حجة غير ما ذكرنا وكل هذا لا حجة لهم فيه، أما قولهم إنه قول روي عن علي فهذا لا حجة لهم فيه لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يلزمنا، وأما قولهم: ادرءوا الحدود ما أمكنكم فقد ثبت بطلان هذا القول وانه لا يحل درء حد بشبهة ولا إقامته بشبهة في دين الله تعالى وإنما هو الحق واليقين فقط ويكفي من بطلان قول من قال: ادرءوا الحدود بالشبهات إنه قول لم يأت به قرآن ولا سنة وإنما جاء القرآن والسنة بتحريم دم المسلم وبشرته حتى يثبت عليه حد من حدود الله تعالى فإذا ثبت لم يحل درءه أصلا فيكون عاصيا لله تعالى، وأما قولهم في تنظيرهم ذلك بالأمة المعروفة لانسان فيوجد معها رجل فيقول قد صارت إلي وملكتها ويقول سيدها بذلك ودعواهم الاجماع في ذلك قول بالظن لا يصح وما عهدنا قول مالك المشهور فيمن قامت عليه بينة بأنه اخرج من حرزه مالا مستترا بذلك فادعى ان صاحب ذلك الشئ أمره بذلك أو أنه وهبه وأقر صاحب المال بذلك بأنه لا يلتفت إلى ذلك بل تقطع يده ولا بد * قال أبو محمد رحمه الله: والذي نقول به أن من وجد مع امرأة يطؤها وقامت البينة بالوطئ فقال هو إنها امرأتي أو قال أمتي فصدقته في ذلك فإن كان غريبين أو لا يعرفان فلا شئ عليهما ولا يعرض لهما ولا يكشفان عن شئ لان الاجماع قد صح بنقل الكواف ان الناس كانوا يهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم افذاذا ومجتمعين من أقاصي اليمن ومن جميع بلاد العرب بأهليهم ونسائهم وإمائهم وعبيدهم فما حيل بين أحد وبين من زعم أنها امرأته أو أمته ولا كلف أحد على ذلك بينة، ثم على هذا إجماع جميع أهل الاسلام وجميع أهل الأرض من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والى يومنا هذا لا يزال الناس يرحلون بأهليهم وإمائهم ورقيقهم ولا يكلف أحد منهم بينة على ذلك بل تصدق أقوالهم في ذلك مسلمين كانوا أو كفارا فإذ قد صح النص بهذا والاجماع فلا يجوز مخالفة ذلك فان كانت هي معروفة في البلد ومعروف أنه لا زوج لها فان أمكن ما يقول فلا شئ عليهما لان أصل دمائهما وأبشارهما على التحريم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن
(٢٤٣)