قال الله تعالى: (فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) (قلنا): أمر الله تعالى بالمخالفة بين حد الأمة وحد الحرة فيما له نصف وليس ذلك الا الجلد والتغريب فقط وأما الرجم فلا نصف له أصلا فلم يكن للرجم في هذه الآية دخول أصلا ولا ذكر، وكذلك لم يكن له ذكر في قوله تعالى:
(والزانية والزاني) الآية، ووجدنا الرجم قد جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أحصن، وكذلك جاء عن عمر رضي الله عنه. وغيره من الصحابة الرجم على من أحصن جملة ولم يخص حرا من عبد ولا حرة من أمة فوجب أن يكون الرجم واجبا على كل من أحصن من حر أو عبد أو حرة أو أمة بالعموم الوارد في ذلك إلا أن جلد الأمة نصف جلد الحرة ونفيها نصف أمد الحرة * قال أبو محمد رحمه الله: فنظرنا في هذين الاحتجاجين فوجدناهما صحيحين إذ لم يرد نص صحيح يعارضهما فنظرنا في ذلك فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال إذ أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه وقد ذكرناه باسناده في الباب الذي قبل هذا متصلا به فأغنى عن اعادته، فاقتضى لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه في هذا الخبر حكم المماليك في الحد بخلاف حكم الأحرار جملة إذ لو كان ذلك سواء لما كان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقام عليه الحد بحساب ما عتق منه معنى أصلا، ولكان المكاتب الذي عتق بعضه كأنه حر كله هذا خلاف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم * قال أبو محمد رحمه الله: فإذ قد صح أن حكم أهل الردة في الحدود خلاف حكم الحر فليس الا أحد وجهين لا ثالث لهما ولابد من أحدهما اما أن لا يكون على المماليك حد أصلا وهذا باطل بما أوردناه أيضا باسناده في الباب المتصل بهذا الباب واسناده * نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام نا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن عبد الأعلى - هو ابن عبد الأعلى التغلبي - عن ميسرة - هو ابن جميلة - عن علي بن أبي طالب " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " فكان هذا عموما موجبا لوقوع الحدود على العبيد والإماء، واما أن يكون للمماليك حد مخالف لحكم حدود الأحرار وهذا هو الحق إذ قد بطل الوجه الآخر ولم يبق الا هذا، والحق في أحدهما ولابد مع ورود هذين النصين الذين ذكرنا من وجوب إقامة الحدود على ما ملكت أيماننا وانهم في ذلك بخلاف حدود الأحرار، فإذ قد وجب هذا بلا شك فلم يكن بد من تحديد حد المماليك بخلاف حكم الأحرار في الحدود، فقد صح اجماع القائلين بهذا القول وهم أهل الحق على أن