قال أبو محمد رحمه الله: وهذه كالتي قبلها وقد قلنا إن فيهم من كفر فأولئك الذين طبع الله على قلوبهم ولكن الله تعالى أرجى أمرهم بقوله تعالى. (وسيرى الله عملكم ورسوله) فصح ما قلناه واتفقت الآيات كلها والحمد لله رب العالمين * وكذلك أخبر تعالى أن مأواهم جهنم جزاءا بما كانوا يكسبون وجهنم تكون جزاءا على الكفر وتكون جزاءا على المعصية وكذلك لا يرضى تعالى عن القوم الفاسقين وان لم يكونوا كافرين وقال تعالى: (الاعراب أشد كفرا ونفاقا) إلى قوله تعالى: (ان الله غفور رحيم) * قال أبو محمد: وهذه الآيات كلها تبين نص ما قلناه من أن فيهم كفارا في الباطن * قال أبو محمد رحمه الله: لا يعلم سرهم الا الله تعالى وأما رسوله عليه السلام فلا وقال تعالى. (وممن حولكم من الاعراب منافقون) إلى قوله تعالى: (سميع عليم) * قال أبو محمد: هذه الآية مبينة نص ما قلناه بيانا لا يحل لاحد أن يخالفه من أن النبي عليه السلام لا يعلم المنافقين لا من الاعراب ولا من أهل المدينة ولكن الله تعالى يعلمهم وان منهم من يتوب فيعفو الله تعالى عنه، وان النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بأخذ زكوات جميعهم على ظاهر الاسلام، وقال تعالى. (الذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) إلى قوله تعالى: (الا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم) * قال أبو محمد رحمه الله: وهذه كالتي قبلها وفيها ان بنيانهم للمسجد قصدوا به الكفر ثم أظهروا التوبة فعلم الله تعالى صدق من صدق فيها وكذب من كذب فيها ونعم لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا أن تقطع قلوبهم، وقد قدم الله تعالى ان من أذنب ذنبا فممكن أن لا يغفره له أبدا حتى يعاقبه عليه، وهذا مقتضى هذه الآية وقال تعالى. (وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول) إلى قوله تعالى: (لا يفقهون) * قال أبو محمد رحمه الله. فهذه لا دليل فيها أصلا على أن القائلين بذلك معروفين بأعيانهم لكنها صفة وصفها الله تعالى يعرفونها من أنفسهم إذا سمعوها فقط، وقال تعالى:
(ويقولون آمنا بالله وبالرسول) إلى قوله تعالى: (هم الفائزون) * قال أبو محمد. ليس في هذه الآية بيان انهم معروفون بأعيانهم وإنما هي صفة من سمعها عرفها من نفسه وهي تخرج على وجهين، أحدهما أن يكون من فعل ذلك كافرا وهو أن يعتقد النفار عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدين بأن لا يرضى به فهذا كفر مجرد، والوجه الثاني ينقسم قسمين. أحدهما أن يكون فاعل ذلك متبعا لهواه في الظلم ومحاباة نفسه عارفا بقبح فعله في ذلك ومعتقدا ان الحق في خلاف فعله فهذا فاسق وليس كافرا، والثاني أن يفعل ذلك مقلدا لانسان في أنه قد شغفه تعظيمه إياه وحبه موهما نفسه انه