صغيرا في حاجته فأكله الذئب فلا شئ عليه فان استأجرا أجيرا صغيرا في عمل شاق فتلف فيه ضمن وإن كان الأجير كبيرا لم يضمن، فهذه فروق لم يأت بها نص ولا اجماع * قال أبو محمد: فنظرنا هل نجد في شئ من هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوجدنا من طريق البخاري نا عمرو بن زرارة نا إسماعيل بن إبراهيم عن عبد العزيز عن أنس قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان أنسا غلام كيس فليخدمك فخدمته في السفر والحضر فوالله ما قال لي لشئ صنعته لم صنعته هكذا؟ ولا لشئ لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا؟ فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وآله قد استخدم أنس بن مالك وهو يتيم ابن عشر سنين في الاسفار البعيدة والقريبة والغزوات المخيفة وفي الحضر (فان قال قائل): ان ذلك كان باذن أمه وزوجها وأهله قلنا له وبالله تعالى التوفيق: نعم قد كان هذا ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم اني إنما استخدمته لاذن أهله لي في ذلك فإذ لم يقل ذلك عليه الصلاة السلام فاذنهم ترك اذنهم على السواء (1) وإنما المراعى في ذلك حسن النظر للغلام فإن كان ما استعانه في عمله للأجنبي نظرا له فهو فعل خير اذن أهله ووليه أم لم يأذنوا وإن كان ليس له نظرا له فهو ظلم اذن أهله في ذلك أم لم يأذنوا * برهان ذلك قول الله تعالى: (كونوا قوامين بالقسط) وقوله تعالى:
(وتعاونوا على البر والتقوى) ولم يأت بمراعاة اذن أهل الغلام لا قرآن ولا سنة صحيحة ولا اجماع فبطل مراعاة اذنهم بيقين ولم يبق إلا أن يكون المستعين بالغلام ناظرا للغلام في تلك الاستعانة أو غير ناظر له فإن كان ناظرا له فهو محسن وإذ هو محسن فلا ضمان عليه فيما أصابه مما لم يجنه هو لقوله تعالى: (ما على المحسنين من سبيل) وإن كان غير ناظر له في ذلك فهو ظالم له ولكن ليس كل ظالم يضمن دية المظلوم ألا تراهم لا يختلفون فيمن ظلمن انسانا حرا يسخره إلى مكان بعيد فتلف هنا لك فإنه لا يضمنه الظالم له، ولا فرق هاهنا بين ظلم صغير أو كبير وقد قلنا: إنه لا دية الا على قاتل والمستعين الظالم لم يتلف المستعان في ذلك العمل فان المستعين له لا يسمى قاتلا له ولا مباشر قتله فلا ضمان عليه أصلا صغيرا كان أو كبيرا الا أن يباشر أو يأمر باكراهه وادخاله البئر أو تطليعه في مهواة فيطلع كرها لا اختيار له في ذلك فهذا قاتل عمد عليه القود فظهر امر الصغير وبالله تعالى التوفيق * (واما العبد) يسخره غير سيده فإن كان لم يكرهه لكن استعانه برغبة فاعانه فتلف فإنه أيضا لم يباشر اتلافه