يصح عن صاحب في هذا الباب شئ غيره فوجدناه حد مقدار الصبي في ذلك بخمسة أشبار وقد خالفه الحنيفيون: والمالكيون والشافعيون في ذلك، ومن الباطل أن يحتجوا على خصومهم بقول قد خالفوه هم * قال أبو محمد: وبقيت الأقوال غيرها وهي تنقسم ثلاثة أقسام، أحدها تضمين من استعان عبدا أو صغيرا بغير اذن أهلهما وترك تضمينه ان استعانهما باذن أهلهما، والثاني تضمينه كيف ما استعانهما باذن أهلهما أو بغير اذنهما، والثالث قول الشعبي ان العبد الكبير لا يضمن من استعانه لكن من استعان الصغير ضمن (1) ثم نظرنا في قول أبي حنيفة. وأصحابه فوجدناه في غاية الفساد لأنه فرق في الصغير يغصب بين أن يموت حتف أنفه أو بحمى أو فجأة فلا يضمن غاصبه شيئا وبين أن يموت بصاعقة تحرقه أو حية تنهشه فيضمن ديته وهذا عجب لا نظير له، وهذا قول لا يعضده قرآن ولا سنة صحيحة ولا مستقيمة ولا اجماع. ولا قول صاحب ولا قياس ولا رأي سديد. ولا معقول. ولا احتياط، وما نعلم أحدا قال هذا القول قبله، وهذا مما انفرد به فسقط هذا القول بلا مرية، ثم نظرنا في قول مالك فوجدناه أيضا خطأ لأنه فرق بين استعانة الصغير والعبد في الامر ذي البال فيضمن ومن استعانهما في الامر غير ذي البال فلا يضمن وهذا أيضا تقسيم لا يؤيده قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا اجماع ولا قول صاحب ولا قياس ولا رأي سديد (2) ولا معقول، ولا يخلو مستعين الصغير (3) من أن يكون متعديا بذلك أو لا يكون متعديا فإن كان متعديا فحكم العدوان في القليل والكثير سواء وإن كان ليس متعديا فالقليل والكثير مما ليس عدوانا سواء، وكذلك إيجاب الدية على من باع حرا فلم يوجد الحر فهذا لا وجه له لأنه لم يقتله، وأما قول الحسن بن حي فخطأ أيضا لأنه لم ير بأسا أن يستسقى المرء الصبي وعبد غيره الماء أو يكلفهما ان يحملا له وضوءا ثم رأى عليه ضمانهما ان تلفا في ذلك فكيف يجعل الضمان فيما حدث من فعل قد أباحه لفاعله مما لم يباشر هو تلك الجناية هذا ظلم ظاهر، وأما قول سفيان فخطأ أيضا من وجوه، أولها أنه فرق بين الرجل يرسل الصغير والعبد لغيره في حاجته بغير اذن أهلهما فجنى كل واحد منهما جناية فيضمن المرسل جناية العبد الكبير ولا يضمنه جناية الحر الصغير وهو قول لا يعضده شئ من الدلائل، والقول الثاني من أرسل
(١٦)