يحل أن يهدد أحد ولا أن يروع بأن يبعث إلى ظالم يعتدي عليه، وبالله تعالى التوفيق * قال أبو محمد رحمه الله: ولا خلاف في أن كل هذا حرام في الذمي كما هو في المسلم فان ضرب حتى أقر فقد جاء عن بعض السلف في هذا ما حدثنا عبد الله بن ربيع نا ابن مفرج نا قاسم بن أصبغ نا ابن وضاح نا سحنون نا ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أن طارقا كان جعل ثعلبا الشامي على المدينة يستخلفه فأتى بانسان اتهم بسرقة فلم يزل يجلده حتى اعترف بالسرقة فأرسل إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب فاستفتاه فقال ابن عمر: لا تقطع يده حتى يبرزها * قال أبو محمد رحمه الله: اما ان لم يكن الا اقراره فقط فليس بشئ لان أخذه باقرار هذه صفته لم يوجبها قرآن ولا سنة ولا اجماع وقد صح تحريم بشرته ودمه بيقين فلا يحل شئ من ذلك إلا بنص أو اجماع فان استضاف إلى الاقرار أمر يتحقق به يقينا صحة ما أقر به ولا يشك في أنه صاحب ذلك فالواجب إقامة الحد عليه وله القود مع ذلك على من ضربه السلطان كان أو غيره لأنه ضربه ظالما له دون أن يجب عليه ضرب وهو عدوان وقد قال الله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) الآية وليس ظلمه وما وجب عليه من حد الله تعالى أو لغيره بمسقط حقه عند غيره في ظلمه له بل يؤخذ منه ما عليه ويعطى هو من غيره وهكذا قال مالك وغيره في السارق يمتحن فيخرج السرقة بعينها ان عليه القطع إذا كانت مما يقطع فيه إلا أن يقول دفعها إلى انسان أدفعها له وإنما اعترفت لما أصابني من الضرب فلا يقطع * قال أبو محمد رحمه الله: وهذا صحيح وبه نقول، وأما البعثة في المتهم وايهامه دون تهديد ما يوجب عليه الاقرار فحسن واجب كبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف اليهودي الذي ادعت الجارية التي رض رأسها فسيق إليه فلم يزل به عليه السلام حتى اعترف فأقاد منه وكما فعل علي بن أبي طالب إذ فرق بين المدعى عليهم القتل وأسر إلى أحدهم ثم رفع صوته بالتكبير فوهم الآخر أنه قد أقر ثم دعي بالآخر فسأله فأقر حتى أقروا كلهم فهذا حسن لأنه لا اكراه فيه ولا ضرب، وقد كره هذا مالك ولا وجه لكراهيته لأنه ليس فيه عمل محظور وهو فعل صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف ينكر ذلك وإنما الكره ما حدثنا يونس بن عبد الله نا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم نا أحمد بن خالد نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا يحيى بن سعيد القطان نا أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي عن أبيه عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما من كلام يدرأ عنى سوطا أو سوطين عند سلطان إلا تكلمت به *
(١٤٢)