لأنه أمكن حفظ المال بالأمين وتحصيل نظر الوصي بابقائه في الوصية فيكون جمعا بين الحقين وان لم يمكن حفظ المال بالأمين تعين إزالة يد الفاسق الخائن وقطع تصرفه لأن حفظ المال على اليتيم أولى من رعاية قول الموصي الفاسد وأما التفريق بين الفسق الطارئ وبين المقارن فبعيد فإن الشروط تعتبر في الدوام كاعتبارها في الابتداء سيما إذا كانت لمعنى يحتاج إليه في الدوام ولو لم يكن بد من التفريق لكان اعتبار العدالة في الدوام أولى من قبل أن الفسق إذا كان موجودا حال الوصية فقد رضى به الموصي مع علمه بحاله وأوصى إليه راضيا بتصرفه مع فسقه فيشعر ذلك بأنه علم أن عنده ومن الشفقة على اليتيم ما يمنعه من التفريط فيه وخيانته في ماله بخلاف ما إذا طرأ الفسق فإنه لم يرض به على تلك الحال والاعتبار برضاه ألا ترى أنه لو أوصى إلى واحد جاز له التصرف وحده، ولو وصى إلى اثنين لم يجز للواحد التصرف (فصل) وأما العدل الذي يعجز عن النظر لعلة أو ضعف فإن الوصية تصح إليه وبضم إليه الحاكم أمينا ولا يزيل يده عن المال ولا نظره لأن الضعيف أهل للولاية والأمانة فصحت الوصية إليه وهكذا إن كان قويا فحدث فيه ضعف أو علة ضمن الحاكم إليه يدا أخرى ويكون الأول هو الوصي دون الثاني وهذا معاون لأن ولاية الحاكم إنما تكون عند عدم الوصي وهذا قول الشافعي وأبي يوسف ولا أعلم لهما مخالفا.
(فصل) وإذا تغيرت حال الوصي بجنون أو كفر أو سفه زالت ولايته وصار كأنه لم يوص إليه ويرجع الامر إلى الحاكم فيقيم أمينا ناظرا للميت في أمره وأمر أولاده من بعده كما لو لم يخلف وصيا، وان تغيرت حاله بعد الوصية وقبل الموت ثم عاد فكان عند الموت جامعا لشروط الوصية صحت الوصية إليه لأن الشروط موجودة حال العقد والموت فصحت الوصية كما لو لم تتغير حاله ويحتمل