(فصل) ويتخير ملتقطها بين ثلاثة أشياء (اكلها في الحال) وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم، قال ابن عبد البر أجمعوا على أن ضالة الغنم في المواضع المخوف عليها له أكلها، والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم " هي لك أو لأخيك أو للذئب " فجعلها له في الحال وسوى بينه وبين الذئب، والذئب لا يستأني بأكلها ولان في أكلها في الحال إغناء عن الانفاق عليها وحراسة لماليتها على صاحبها إذا جاء فإنه يأخذ قيمتها بكمالها من غير نقص وفي إبقائها تضييع للمال بالانفاق عليها والغرامة في علفها فكان أكلها أولى، ومتى أراد أكلها حفظ صفها فمتى جاء صاحبها غرمها له في قول عامة أهل العلم إلا مالكا فإنه قال كلها ولا غرم عليك لصاحبها ولا تعريف لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " هي لك " ولم يوجب فيها تعريفا ولا غرما وسوى بينه وبين الذئب، والذئب لا يعرف ولا يغرم، قال ابن عبد البر لم يوافق مالكا أحد من العلماء على قوله، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو " رد على أخيك ضالته " دليل على أن الشاة على ملك صاحبها ولأنها لقطة لها قيمة وتتبعها النفس فتجب غرامتها لصاحبها إذا جاء كغيرها ولأنها ملك لصاحبها فلم يجز تملكها عليه بغير عوض من غير رضاه كما لو كانت بين البنيان ولأنها عين يجب ردها مع بقائها فوجب غرمها إذا أتلفها كلقطة الذهب وقول النبي صلى الله عليه وسلم " هي لك " لا يمنع وجوب غرامتها فإنه قد أذن في لقطة الذهب والورق بعد تعريفها في أكلها وانفاقها، وقال هي كسائر مالك ثم أجمعنا على وجوب غرامتها كذلك الشاة ولا فرق في إباحة أكلها بين وجدانها في الصحراء أو في المصر، وقال مالك وأبو عبيد وأصحاب الشافعي وابن المنذر ليس له أكلها في المصر لأنه يمكنه بيعها بخلاف الصحراء ولنا أن ما جاز أكله في الصحراء أبيح في المصر كسائر المأكولات ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" هي لك " ولم يفرق ولان أكلها معلل بما ذكرنا من الاستغناء عن الانفاق عليها، وهذا في المصر