والخبر المروي في هذا مرسل وفيه مقال ولم يثبت الاجماع فيه ولا القياس فإنه لم يثبت اعتبار الشرع لهذه المصلحة المذكورة فيه ولا تحققت أيضا فإنه ليس الظاهر هربهم إلى دار الحرب إلا في المجلوب منها، إذا كانت قريبة وهذا بعيد فيهم. فأما على الرواية الأولى فقد اختلفت الرواية في قدر الجعل فروي عن أحمد انه عشرة دراهم أو دينار إن رده من المصر وان رده من خارجه ففيه روايتان (إحداهما) يلزمه دينار أو اثني عشر درهما للخبر المروي فيه ولان ذلك يروى عن عمر وعلي رضي الله عنهما (والثانية) له أربعون درهما إن رده من خارج المصر اختارها الخلال وهو قول ابن مسعود وشريح فروى أبو عمرو الشيباني قال قلت لعبد الله بن مسعود: اني أصبت عبيدا أباقا فقال لك أجر وغنيمة، فقلت هذا الاجر فما الغنيمة؟ قال من كل رأس أربعين درهما وقال أبو إسحاق أعطيت الجعل في زمن معاوية أربعين درهما. وهذا يدل على أنه متفيض في العصر الأول. قال الخلال: حديث ابن مسعود أصح إسنادا. وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إذا وجده على مسيرة ثلاث فله ثلاثة دنانير. وقال أبو حنيفة إن رده من مسيرة ثلاثة أيام فله أربعون درهما وإن كان من دون ذلك يرضخ له على قدر المكان الذي تعنى إليه. ولا فرق عند إمامنا بين أن يزيد الجعل على قيمة العبد أو لا يزيد وبهذا قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة إن كان قليل القيمة نقص الجعل من قيمته درهما لئلا يفوت عليه العبد جميعه ولنا عموم الدليل ولأنه جعل يستحق في رد الآبق فاستحقه وان زاد على قيمته كما لو جعله له صاحبه ويستحقه ان مات سيده في تركته وبهذا قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف إن كان الذي رده من ورثة المولى سقط الجعل
(٣٥٦)