(الثاني) أن يباح له أخذها لأن صاحبها في الظاهر تركها له باذلا إياها له عوضا عما أخذه فصار كالمبيح له أخذها بلسانه فصار كمن قهر انسانا على أخذ ثوبه ودفع إليه درهما (الثالث) أنه يرفعها إلى الحاكم ليبيعها ويرفع إليه ثمنا عوضا عن ماله. والوجه الثاني أقرب إلى الرفق بالناس لأن فيه نفعا لمن سرقت ثيابه بحصول عوض عنها ونفعا للسارق بالتخفيف عنه من الاثم وحفظا لهذه الثياب المتروكة من الضياع، وقد أباح بعض أهل العلم لمن له على انسان حق من دين أو غصب أن يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك فهنا مع رضاء من عليه الحق بأخذه أولى، وان كانت ثم قرينة دالة على أن الآخذ للثياب إنما أخذها ظنا منه أنها ثيابه مثل أن تكون المتروكة خيرا من المأخوذة أو مثلها وهي ما تشتبه بها فينبغي أن يعرفها ههنا لأن صاحبها لم يتركها عمدا فهي بمنزلة الضائعة منه والظاهر أنه إذا علم بها أخذها ورد ما كان أخذه فتصير كاللقطة في المعنى وبعد التعريف إذا لم تعرف ففيها الأوجه التي ذكرناها إلا أننا إذا قلنا يأخذها أو يبيعها الحاكم ويدفع إليه ثمنها فأنما يأخذ بقدر قيمة ثيابه لا يزيد عليها لأن الزائد فاضل عما يستحقه ولم يرض صاحبها بتركها عوضا عما أخذه فإنه لم يأخذ غيرها اختيارا منه لتركها ولا رضي بالمعاوضة بها، وإذا قلنا إنه يدفعها إلى الحاكم ليبيعها ويدفع إليه ثمنها فله أن يشتريها بثمن في ذمته ويسقط عنه من ثمنها ما قابل ثيابه ويتصدق بالباقي والله أعلم (فصل) قال احمد فيمن عنده رهون قد أتى عليها زمان لا يعرف صاحبها يبيعها ويتصدق بثمنها فإن جاء صاحبها غرمها له وهذا محمول على من استوفى ديونه التي رهن الرهن بها فاما من لم يستوف
(٣٤٧)