لقوله في الخبر " لا حمى الا لله ولرسوله " لكنه لم يحم لنفسه شيئا وإنما حمى المسلمين فقد روى ابن عمر قال: حمى النبي صلى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين. رواه أبو عبيد والنقيع بالنون موضع ينتقع فيه الماء فيكثر فيه الخصب لمكان ما يصير فيه من الماء، وأما سائر أئمة المسلمين فليس لهم أن يحموا لأنفسهم شيئا ولكن لهم أن يحموا مواضع لترعى فيها خيل المجاهدين ونعم الجزية وابل الصدقة وضوال الناس التي يقوم الإمام بحفظها وماشية الضعيف من الناس على وجه لا يستضر به من سواه من الناس، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في صحيح قوليه، وقال في الآخر ليس لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمي لقوله " لا حمى الا لله ولرسوله " ولنا أن عمر وعثمان حميا واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر عليهما فكان إجماعا، وروى أبو عبيد باسناده عن عامر بن عبد الله بن الزبير أحسبه عن أبيه قال اتى أعرابي عمر فقال يا أمير المؤمنين بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الاسلام علام تحميها؟ فأطرق عمر وجعل ينفخ ويفتل شاربه وكان إذا كربه أمر فتل شاربه ونفخ فلما رأى الاعرابي ما به جعل يردد ذلك، فقال عمر:
المال مال الله والعباد عباد الله، والله لولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت شبرا من الأرض في شبر وقال مالك بلغني انه كان يحمل في كل عام على أربعين ألفا من الظهر. وعن أسلم قال سمعت عمر يقول لهني حين استعمله على حمى الربذة يا هني اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة،