فلما أصبح قال: ما كان فراشي الليلة؟ قلت: فراشك كل ليلة، إلا أني الليلة رفعته لك ليكون أوطأ، فقال: أعيديه لحالته الأولى، فإن وطأته منعتني الليلة من الصلاة.
وكان لنا صاع من دقيق سلت فنخلته يوما وطبخته له، وكان لنا قعب من سمن فصببته عليه، فبينا هو - عليه السلام - يأكل إذ دخل أبو الدرداء، فقال: أرى سمنكم قليلا، وإن لنا لقعبا من سمن. قال: - عليه السلام -: فأرسل فأت به. فجاء به فصبه عليه فأكل، فهذا أطيب طعام أكله عندي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فأرسل عمر عينيه بالبكاء، وقال لها: والله لا أزيدهم على ذلك العباء وذلك الطعام شيئا، وهذا فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهذا طعامه. (1) 2 - لما قدم عتبة بن فرقد آذربيجان اتي بالخبيص، فلما أكله وجد شيئا حلوا طيبا فقال: لو صنعت من هذا لأمير المؤمنين! فجعل له خبيصا في منقلين عظيمين، وحملهما على بعيرين إلى المدينة. فقال عمر: ما هذا؟ قالوا: الخبيص فذاقه فوجده حلوا، فقال للرسول: ويحك، أكل المسلمين عندكم يشبع من هذا؟ قال: لا.
قال: فارددهما. ثم كتب إلى عتبة: أما بعد، فإن خبيصك الذي بعثته ليس من كد أبيك و لا من كد أمك أشبع المسلمين مما تشبع منه في رحلك، ولا تستأثر فإن الأثرة شر، والسلام. (2) أقول: الخبيص: ضرب من الحلواء، هذا.
فليتنبه وليعتبر شيعة الخليفة الثاني الناسبون أنفسهم إليه من الرؤساء والشيوخ المترفين المتسلطين على منابع ثروة المسلمين وذخائرهم الذين يصرفون الأموال العامة في مصالح أنفسهم فيسرفون ويبذرون ويقامرون ويشترون القاعات و المستغلات بأثمان غالية في أروبا وأمريكا ويهيؤن لأنفسهم وسائل الفحشاء والترف،