بعتها بمأة دينار؟ قال: خرجت بنفقة لي فاتجرت فيها. قال: وإنا والله ما بعثناك للتجارة، أدها. قال: أما والله لا أعمل لك بعدها. قال: انا والله لا أستعملك بعدها. ثم صعد المنبر، فقال: يا معشر الأمراء، إن هذا المال لو رأينا أنه يحل لنا لأحللناه لكم، فأما إذ لم نره يحل لنا وظلفنا أنفسنا عنه فاظلفوا عنه أنفسكم، فإني والله ما وجدت لكم مثلا إلا عطشان ورد اللجة، ولم ينظر الماتح، فلما روى غرق. (1) 7 - وكتب عمر إلى عمرو بن العاص وهو عامله في مصر: " أما بعد، فقد بلغني أنه قد ظهر لك مال من إبل وغنم وخدم وغلمان، ولم يكن لك قبله مال، ولا ذلك من رزقك، فأنى لك هذا؟! ولقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك، ولكني استعملتك لغنائك، فإذا كان عملك لك وعلينا، بم نؤثرك على أنفسنا؟! فاكتب إلى من أين مالك؟ و عجل، والسلام. " فكتب إليه عمرو بن العاص: " قرأت كتاب أمير المؤمنين، ولقد صدق، فأما ما ذكره من مالي، فإني قدمت بلدة، الأسعار فيها رخيصة والغزو فيها كثير، فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أمير المؤمنين. والله يا أمير المؤمنين، لو كانت خيانتك لنا حلالا ما خناك حيث ائتمنتنا فاقصر عنا عناك، فإن لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن العمل لك، وأما من كان لك من السابقين الأولين فهلا استعملتهم! فوالله ما دققت لك بابا. " فكتب إليه عمر: " أما بعد، فإني لست من - تسطيرك وتشقيقك الكلام في شيء، إنكم معشر الأمراء أكلتم الأموال، وأخلدتم إلى الأغدار، فإنما تأكلون النار وتورثون العار، و قد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليشاطرك على ما في يديك. والسلام. " فلما قدم إليه محمد اتخذ له طعاما وقدمه إليه، فأبى أن يأكل، فقال: مالك لا تأكل طعامنا؟ قال: إنك عملت لي طعاما هو تقدمة للشر، ولو كنت عملت لي طعام الضيف لأكلته، فابعد عني طعامك
(٦٩٢)