عباس، وليس لتعقيب الموضوع أثر عملي شرعي، والله العالم بالأمور.
12 - وفي نهج البلاغة أيضا: " والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا وأجر في الأغلال مصفدا، أحب إلى من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد و غاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها ويطول في الثرى حلولها؟! والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور غبر الألوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا وكرر على القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي فظن أني أبيعه ديني وأتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟! أتئن من الأذى و لا أئن من لظى؟!
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها ومعجونة شنئتها كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة؟ فذلك محرم علينا أهل البيت فقال: لاذا و لا ذاك ولكنها هدية، فقلت هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أم ذو جنة أم تهجر؟ والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت (ما فعلته خ. ل)، وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلى ولنعيم يفنى، ولذة لا تبقى؟! نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين. " (1) أقول: وإنما ذكرنا الخطبة بتمامها، لاشتمالها على ما ينبغي لكل من يتصدى للولاية العامة ويتسلط على الأموال العامة وبيت مال المسلمين أن يلاحظها ويطالعها ويجعلها نصب عينيه ويعتبر بها.
والسعدان بالفتح: نبت له شوك ويقال له: حسك السعدان، وتشبه به حلمة الثدي. و المسهد: الأرق والقليل النوم. والمصفد: المقيد. والقفول: الرجوع. والاستماحة: طلب العطية. والعظلم كزبرج: نبت يصبغ به ما يراد اسوداده.