فالجور عليه أضيق. " (1) أقول: ولعل المقصود أن في العدل سعة الإمام والأمة معا، فإن الأمة تطمئن نفوسها تحت لواء العدل فتنقاد قهرا للحكومة العادلة الحافظة لحقوقها، وبذلك يرى الحاكم أيضا سعة وراحة، وأما جور الحاكم فيوجب في المآل مخالفة الأمة له وثورتها عليه فيضيق الأمر على الإمام والأمة معا، فتدبر.
وفي شرح ابن أبي الحديد المعتزلي:
" القطائع ما يقطعه الإمام بعض الرعية من أرض بيت المال ذات الخراج ويسقط عنه خراجه، ويجعل عليه ضريبة يسيرة عوضا عن الخراج، وقد كان عثمان أقطع كثيرا من بني أمية وغيرهم من أوليائه وأصحابه قطائع من أرض الخراج على هذه الصورة...
وهذه الخطبة ذكرها الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح، عن ابن عباس " رض ": أن عليا - عليه السلام - خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال: " ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل ما أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال، فإن الحق القديم لا يبطله شيء، ولو وجدته وقد تزوج به النساء وفرق في البلدان لرددته إلى حاله، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه الحق فالجور عليه أضيق. "...
قال الكلبي: " ثم أمر - عليه السلام - بكل سلاح وجد لعثمان في داره مما تقوى به على المسلمين فقبض، وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت، وأمر بقبض سيفه ودرعه، وأمر أن لا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمين، وبالكف عن جميع أمواله التي وجدت في دراه وفي غير داره، وأمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث أصيبت أو أصيب أصحابها. فبلغ ذلك عمرو بن العاص - وكان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها - فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعا فاصنع إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه