الباب أيضا هو حاجة الناس إلى المتاع وورود الضيق والضرر عليهم من فقده.
ففي صحيح الحلبي: " إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به. وإن كان قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام. " (1) يظهر من هذه الصحيحة علة الحكم وملاكه، وأن نظر الشارع الحكيم في تشريعه إلى كون الناس في سعة وأن لا يتركوا بلا طعام يتوقف عليه حياتهم.
وفي ذيل صحيحته الأخرى بنقل الكليني: " وسألته عن الزبيب فقال: إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه. " (2) واتفقت الروايات والفتاوى في الزبيب، مع أنه كثيرا ما تكون حاجة الناس إلى كثير من الأمتعة أكثر بمراتب من حاجتهم إلى مثل الزبيب.
وقد ذكر الزيت أيضا في بعض الروايات الحاصرة وأفتى به الفقهاء، وأنت تعلم أن الزيت ليس مما تحتاج إليه عامة الناس، بل كان إداما في بعض المناطق، كالشامات و أمثالها.
وقد كثرت البلاد التي تنحصر أقوات أهلها في الأرز أو الذرة مثلا، ويصير إحتكارهما موجبا لصيرورتهم بلا طعام. فهل يجوز احتكارهما في هذه البلاد، ولا يجوز احتكار مثل الزبيب أو الزيت فيها؟ وهل تكون حاجتهم إلى الأرز أو الذرة أقل من حاجتهم إلى الزبيب؟!
بل وربما تكون حاجة الناس إلى بعض الأشياء من غير الأقوات أيضا في زمان أو بلد خاص أشد بمراتب من حاجتهم إلى مثل الزيت والزبيب. كما إذا شاع مرض في منطقة خاصة واشتدت حاجة الناس إلى دواء خاص يتوقف عليه حفظ حياتهم أو سلامتهم فإحتكره بعض الصيادلة، أو وقعت الحكرة في جميع الألبسة الصيفية والشتوية وموادها الأولية، أو في مثل الوقود والمياه والأراضي ونحوها ووقع