وأما حديث جابر ففي حق شخص استحق القتل، بدليل أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر به في أول مرة وفي كل مرة، وفعل ذلك في الخامسة. ورواه النسائي وقال: حديث منكر.
وأما الحديث الآخر وفعل أبي بكر وعمر فقد عارضه قول على (عليه السلام)، وقد روي عن عمر أنه رجع إلى قول على (عليه السلام): فروى سعيد: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمان بن عائذ، قال: اتي عمر برجل أقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر أن تقطع رجله، فقال على (عليه السلام): إنما قال الله - تعالى - " إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله ويسعون في الأرض فسادا. " (1) الآية، وقد قطعت يد هذا ورجله، فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها; إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن، فاستودعه السجن. " (2) انتهى ما أردنا نقله من كتاب المغني بطوله.
أقول: خبر جابر رواه أبو داود في الحدود باب في السارق يسرق مرارا (3)، و النسائي في كتاب قطع السارق من سننه وقال: " هذا حديث منكر. " (4) ووجهه واضح، إذ كيف حكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع المراتب الأربع بالقتل، وكيف أضرب عما قاله بقول أصحابه؟! وهل الأمر اشتبه على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونسي حكم القطع المنزل في الكتاب العزيز حتى ذكره أصحابه؟!
وخبر عبد الرحمان بن عائذ رواه البيهقي (5) وروى البيهقي أيضا، عن عبد الله بن سلمة: " أن عليا (عليه السلام) اتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به فقطع رجله، ثم أتي به، فقال: أقطع يده، بأي شيء يتمسح، وبأي شيء يأكل؟ ثم قال: أقطع رجله، على أي شيء يمشي؟ إني لأستحيي