وأما ما دل عليه خبر الفضيل من تخيير الأولياء في القصاص، فقال المحقق في الشرائع:
" إذا اشترك جماعة في قتل واحد قتلوا به. والولي بالخيار بين قتل الجميع بعد أن يرد عليهم ما فضل عن دية المقتول فيأخذ كل واحد منهم ما فضل من ديته عن جنايته، وبين قتل البعض، ويرد الباقون دية جنايتهم. " (1) وعقب ذلك في الجواهر بقوله:
" بلا خلاف أجده في شيء من ذلك، بل الإجماع بقسميه عليه، مضافا إلى معلومية كون شرع القصاص لحقن الدماء، فلو لم يجب عند الاشتراك لاتخذ ذريعة إلى سفكها، و إلى صدق كون المجموع قاتلا فيندرج في قوله - تعالى -: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " إلا أنه منهى عن الإسراف في القتل. ولعل منه قتلهم أجمع من دون رد ما زاد على جنايتهم عليهم. " (2) هذا.
ويدل على الحكم مضافا إلى ما مر أخبار مستفيضة وفيها الصحيح والموثق أيضا. و قد أفتى بها أصحابنا الإمامية بلا خلاف، فراجع.
نعم، يظهر من بعض الأخبار عدم جواز أن يقتل بواحد أكثر من واحد: منها خبر أبي العباس وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أيهم شاؤوا، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد، إن الله - عز وجل - يقول: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل. " (3).
ولكن يحمل ذلك على التنزه أو التقية أو قتل الأكثر من دون رد الدية كما هو الظاهر من فقهاء السنة.
وبالجملة، فإجماع أصحابنا على الأخذ بالأخبار الأولة فتطرح الأخيرة أو تحمل على ما ذكر. وأول المرجحات للأخبار المتعارضة هو الأخذ بما اشتهر.
وأما فقهاء السنة فالمشهور بينهم أيضا جواز قتل الأكثر بواحد، ولكن لبعضهم