أمواله وعلى عهدة نفسه - والمفروض أن كلامنا ليس في مطلق السجن ولو كان غير مشروع، بل في السجن المشروع من قبل الله - تعالى - أعني ما وقع في قبال تهمة أجاز الشارع كشفها ولو بالسجن، أو في قبال إفساد الشخص أو عصيانه أو مطله وامتناعه - فمع فرض تمكنه من تحصيل النفقة وأدائها لا يرى وجه لتحميلها بيت المال المتعلق بالمسلمين.
نعم، لو كان فقيرا وبقي هو وعائلته بلا معاش، وكان السجن مانعا من شغله وعمله المناسب صار حكمه حكم سائر الفقراء والمساكين في الارتزاق من بيت المال المعد لسد الخلات.
وبالجملة، فيفصل بين الغني بالفعل أو بالقوة، وبين غيره. فنفقة الغني ولو بالقوة على نفسه، ونفقة الفقير على بيت المال.
لا يقال: إن الغرض من سجنه كف شره وأذاه عن المسلمين، فتكون نفقته في طريق المصالح العامة، نظير نفقة السجن ومراقبيه.
فإنه يقال: فرق بين السجن والمسجون، إذ نفقة الشخص بحسب الطبع الأولى تكون على نفسه، والمفروض أن حبسه مستند إلى عمل نفسه وتقصيره وأن قدرته المالية و تمكنه باقية ولو في السجن، فلا وجه لتحميل نفقته على بيت المال.
نعم، لأحد أن يقول: إن ما ذكرت صحيح في من ثبت تقصيره وحكم بحبسه لذلك، و أما المسجون في تهمة قبل كشفها فلم يثبت تقصيره، وحيث إن توقيفه الموقت يكون في طريق المصالح العامة وتحمله النفقة حينئذ ضرر عليه لا يجبر، كان المناسب رزقه من بيت المال حتى يتضح الحال.
وهذا التفصيل عندي قوى وإن لم أعثر على من أفتى به. ويحتمل في المتهم أيضا ثبوت حق المطالبة منه إذا ثبت بعد ذلك كونه مقصرا، فتدبر.
وكيف كان، فاللازم رعاية ما تقتضيه القواعد الأولية ما لم يرد دليل على خلافها.
فلنرجع إلى الروايات الواردة في المسألة ولنبين المستفاد منها فنقول: