هذا ما عثرنا عليه من أخبار المسألة.
ودلالتها إجمالا على كون نفقة السجناء على بيت المال ظاهرة، وظاهر بعضها الإطلاق أيضا، فيرفع بسببها اليد عما أصلناه من القاعدة الأولية. اللهم إلا أن يقال إن مورد الجميع السرقة الثالثة، وحكمها التخليد في السجن، والغالب فيمن خلد فيه تلاشى طرق المعيشة واضمحلالها، فلا يستفاد من هذه الروايات حكم من بقي رأس ماله و ثروته. هذا.
وفي كتاب القضاء من ملحقات العروة:
" الظاهر أن مؤونة الحبس من بيت المال. وإذا لم يكن فعلى المحبوس. ويحتمل كونها على المحكوم له. " (1) أقول: محل بحثه مطل المديون، فيوجد في قباله مطالب الدين الذي حكم له بسجن المديون.
وفي كتاب القضاء من المستند:
" مؤونة المحبوس حال الحبس من ماله، ووجهه ظاهر. ويشكل الأمر لو لم يكن له شيء ظاهر، وكان ينفق كل يوم بقرض أو كسب قدر مؤونته أو سؤال أو كل على غيره و نحوها، بل قد يغتنم المحبس لذلك. وكذا الإشكال في مؤونة الحبس، فإنه يحتاج إلى مكان ومراقب ليلا ونهارا لئلا يهرب، فإن كان هنا بيت مال فالمؤونتان عليه، وإلا فإن بذله خصمه من ماله فلا إشكال أيضا، وإلا فتحميله على الحاكم ضرر عليه منفى.
فيعارض بأدلته أدلة الحبس، فيرجع إلى أصل عدم وجوب الحبس عليه، أو يقال بالتخيير فله إطلاقه ولا يجب عليه شيء. " (2) وفي كتاب الخراج للقاضي أبي يوسف، الذي كتبه لهارون الرشيد، كلام طويل في هذا المقام يناسب ذكره، قال فيه: