الأول: المتواتر لفظا. ويراد بذلك أن المخبرين بأجمعهم رووا واقعة واحدة ومعنى واحدا بلفظ واحد.
الثاني: المتواتر معنى. بمعنى أنهم بأجمعهم حكوا واقعة واحدة وقعت في وقت خاص ولكن بألفاظ مختلفة، فيكون الجميع أو غير واحد منهم ناقلا بالمعنى والمضمون. نظير ما وقع في نقل قصة الغدير ونصب أمير المؤمنين (عليه السلام) فيه.
الثالث: المتواتر اجمالا. بمعنى أن كل واحد من المخبرين حكى واقعة خاصة غير ما حكاه الآخرون، ولعل كل واحد منهم حكى واقعة خاصة عن إمام خاص، ولكن كثرة الوقائع المنقولة توجب العلم بصدق بعضها لا محالة بحيث لا يحتمل كذب الجميع، كما في المقام. فإن كل واحدة من الروايات تحكي عن مسألة خاصة وقول خاص عن إمام خاص ولكن يحصل لنا العلم بعدم كذب الجميع. فإذا كان يستفاد من كل واحدة منها مشروعية السجن فلا محالة تثبت تلك. ونظير هذا في أبواب الفقه كثير.
وأما الإجماع فقد ادعاه بعض الفقهاء من الحنفية والشافعية في المقام، كما حكاه في كتاب " أحكام السجون " (1). ولكن لما لم تكن المسألة بنفسها معنونة في كتب الفقهاء القدماء من أصحابنا بل وفي أكثر كتب الفقهاء من السنة فلا محالة لا يوجد فيها إجماع محقق. نعم، لا بأس بادعائه مقدرا، بمعنى وضوح المسألة بحيث إن كل فقيه من الفريقين لو سئل عنها لأفتى بها بلا شك. هذا.
ولكن بعد وضوح المسألة وثبوتها بالكتاب والسنة لا حاجة فيها إلى الإجماع. وقد عرفت منا مرارا أن الإجماع بما هو إجماع لا موضوعية له عندنا بل تكون حجيته