وربما يجاب عن الأول بالتقييد بكونه حق الله ليخرج القصاص والديات، وعن الثاني بالتقييد بقولهم: " غالبا " كما في بعض الكلمات ليشمل التعزيرات المقدرة أيضا.
ولكن يرد على الأول - مضافا إلى بقاء إشكال الكفارات - النقض بحد القذف فإنه حد بلا إشكال مع كونه من حقوق الناس، وعلى الثاني بتداخل حد الحد والتعزير حينئذ.
هذا.
وقال الشهيد الأول في كتابه المسمى بالقواعد والفوائد:
" فائدة: يفرق بين الحد والتعزير من وجوه عشرة:
الأول: عدم التقدير في طرف القلة لكنه مقدر في طرف الكثرة بما لا يبلغ الحد. و جوزه كثير من العامة، لأن عمر جلد رجلا زور كتابا عليه ونقش خاتما مثل خاتمه، فشفع فيه قوم فقال: أذكرني الطعن وكنت ناسيا، فجلده مأة أخرى، ثم جلده بعد ذلك مأة أخرى.
الثاني: استواء الحر والعبد فيه.
الثالث: كونه على وفق الجنايات في العظم والصغر بخلاف الحد، فإنه يكفي فيه مسمى الفعل. فلا فرق في القطع بين سرقة ربع دينار وقنطار، وشارب قطرة من الخمر و شارب جرة مع عظم اختلاف مفاسدها.
الرابع: أنه تابع للمفسدة وإن لم يكن معصية كتأديب الصبيان والبهائم والمجانين استصلاحا لهم. وبعض الأصحاب يطلق على هذا التأديب. أما الحنفي فيحد بشرب النبيذ وإن لم يسكر، لأن تقليده لإمامه فاسد، لمنافاته النصوص عندنا مثل: " ما أسكر كثيره فقليله حرام " (1)، والقياس الجلي عندهم، وترد شهادته، لفسقه.
الخامس: إذا كانت معصية حقيرة لا تستحق من التعزير إلا الحقير وكان لا أثر له البتة فقد قيل: لا يعزر، لعدم الفائدة بالقليل وعدم إباحة الكثير.
السادس: سقوطه بالتوبة، وفي بعض الحدود الخلاف. والظاهر أنه إنما يسقط