" وأما صفة الضرب في التعزير فيجوز أن يكون بالعصا وبالسوط الذي كسرت ثمرته، كالحد. واختلف في جوازه بسوط لم تكسر ثمرته، فذهب الزبيري إلى جوازه، و إن زاد في الصفة على ضرب الحدود وأنه يجوز أن يبلغ به أنهار الدم. وذهب جمهور أصحاب الشافعي إلى حظره بسوط لم تكسر ثمرته، لأن الضرب في الحدود أبلغ وأغلظ، وهو كذلك محظور، فكان في التعزير أولى أن يكون محظورا، ولا يجوز أن يبلغ بتعزير إنهار الدم.
وضرب الحد يجب أن يفرق في البدن كله بعد توقي المواضع القاتلة، ليأخذ كل عضو نصيبه من الحد ولا يجوز أن يجمع في موضع واحد من الجسد.
واختلف في ضرب التعزير، فأجراه جمهور أصحاب الشافعي مجرى الضرب في الحد في تفريقه وحظر جمعه. وخالفهم الزبيري، فجوز جمعه في موضع واحد من الجسد، لأنه لما جاز إسقاطه عن جميع الجسد جاز إسقاطه عن بعضه بخلاف الحد.
ويجوز أن يصلب في التعزير حيا. قد صلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا على جبل يقال له أبو ناب. ولا يمنع إذا صلب أداء طعام ولا شراب. ولا يمنع من الوضوء للصلاة، ويصلى مؤميا ويعيد إذا أرسل ولا يجاوز بصلبه ثلاثة أيام. ويجوز في نكال التعزير أن يجرد من ثيابه إلا قدر ما يستر عورته. ويشهر في الناس وينادى عليه بذنبه إذا تكرر منه و لم يتب. ويجوز أن يحلق شعره ولا يجوز أن تحلق لحيته. واختلف في جواز تسويد وجوههم، فجوزه الأكثرون ومنع منه الأقلون. " (1) أقول: ولا يخفى أن إقامة الدليل على بعض ما ذكروه في المقام مشكل، وأكثرها أمور استحسانية، وبعضها يخالف مضامين الأخبار التي مضت. والاحتياط حسن على كل حال، وطريق الاحتياط واضح.