14 - وفي المصنف لعبد الرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير: أن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله، إني أصبت حدا فأقمه على، فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسوط جديد عليه ثمرته. فقال: لا، سوط دون هذا. فاتي بسوط مكسور العجز (الفجر). فقال:
لا، سوط فوق هذا. فاتي بسوط بين السوطين. فأمر به فجلد، ثم صعد المنبر والغضب يعرف في وجهه فقال: " أيها الناس، إن الله - تعالى - حرم عليكم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن. فمن أصاب منها شيئا فليستتر بستر الله. فإنه من يرفع إلينا من ذلك شيئا نقمه. " (1) وروى نحو ذلك البيهقي في السنن بسنده، عن زيد بن أسلم، فراجع. (2) أقول: ثمرة السوط: طرفه الذي في أسفله ويكون فيه عقدة.
وقد ناسب هنا نقل كلام من معالم القربة في كيفية إجراء الحدود والتعزيرات، ذكرها في أول الباب الخمسين من كتابه، قال:
" فمن ذلك السوط والدرة: أما السوط فيتخذ وسطا، لا بالغليظ الشديد ولا بالرقيق اللين، بل يكون من وسطين حتى لا يؤلم الجسم، لما روى زيد بن أسلم أن رجلا اعترف عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالزنا فدعا له بالسوط. فأتى بسوط مكسور، فقال: فوق هذا. فأتى بسوط جديد، فقال: دون هذا. فأتى بسوط قد لأن، فضرب به.
وأما الدرة فتكون من جلد البقر أو الجمل مخروزة. وتكون هذه الآلة معلقة على دكة المحتسب ليشاهدها الناس فترعد منها قلوب المفسدين وينزجر بها أهل التدليس. فإذا أتى له بمن زنى وهو بكر جلده مأة جلدة في ملأ من الناس، كما قال الله - تعالى -: " و ليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين. "...
ويضرب الرجل في الحد والتعزير قائما. ولا يمد ولا يربط، لأن لكل عضو قسطا من الضرب. ويتوقى الوجه والرأس والفرج والخاصرة وسائر المواضع المخوفة، لما روي أن عليا (عليه السلام) قال للجلاد: اضربه وأعط كل عضو حقه، واتق وجهه ومذاكيره.