جاء الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فشكا إليه وخبره الخبر، فأرسل اليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخبره بقول الأنصاري وما شكا وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلما أبى ساومه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق يمد لك (مذلل - يب) في الجنة، فأبى أن يقبل. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها إليه، فإنه لا ضرر ولا ضرار. " (1) وفي رواية أخرى لزرارة عنه (عليه السلام) نحوه، وفيه: " فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خل عنه ولك مكانه عذق في مكان كذا وكذا. فقال: لا. قال: فلك اثنان. قال: لا أريد. فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق. فقال: لا. قال: فلك عشرة أعذاق في مكان كذا وكذا. فأبى. فقال:
خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة. قال: لا أريد. فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنك رجل مضار، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن. الحديث ". (2) والظاهر أن المراد بالضرر هو النقص في المال أو في النفس، والضرار أعم منه، فيشمل مطلق التضييق. أو إن الضرر فعل الواحد، والضرار فعل الاثنين كما في النهاية. (3) وقيل غير ذلك. والعذق كفلس: النخلة وبالكسر: العرجون بما فيه من الشماريخ.
وكيف كان فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر بقلع الشجرة في بادئ الأمر، بل أمر بالاستيذان، ثم ساومه حتى بلغ به من الثمن عشرة أعذاق، فلما أبى ذلك وأبى العذق في الجنة أيضا و رأى منه اللجاجة اضطر إلى الحكم بقلع الشجرة لقلع جذر الفساد وقطع رجاء المفسد.
فإن قلت: لم لم يحكم هو (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبيع جبرا وقهرا عليه فإن الحاكم ولى الممتنع؟