الإسلامية والحكومات الدارجة فيها. وربما تقع بإلقاء شياطين الاستعمار وإيحائهم إلى عملائهم، أو بتقليد بعض البسطاء من الحكام لبعض آخر. مع أنك ترى أن رؤوس الكفر والاستعمار قد أطلقوا أممهم وتابعوا أهواءهم، فهل لا يكون هذا إلا نحو مكر مكروه لعدم راحة الأمة الإسلامية وعدم استقرار نظامهم وعدم ثبات دويلاتهم؟!
فاعتبروا يا أولي الأبصار! هذا.
وأسوأ من هذه التدخلات والتحديدات مباشرة الدولة بنفسها للزراعة والتجارة و الصناعات; فقد عقد ابن خلدون في مقدمته فصلا بديعا بعنوان أن التجارة من السلطان مضرة بالرعايا مفسدة للجباية.
ومحصل كلامه:
" أن تصدي السلطان للتجارة والفلاحة غلط عظيم، وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة، ومنها أن له القدرة والمال الكثير فيجعل السوق تحت قبضته واختياره، فلا يحصل أحد من التجار على غرضه في شيء من حاجاته فيدخل على النفوس من ذلك غم ونكد، ويدخل به على الرعايا من العنت والمضايقة وفساد الأرباح ما يقبض آمالهم عن السعي ويؤدي إلى فساد الجباية، فإنه إذا انقبض الفلاحون عن الفلاحة وقعد التجار عن التجارة ذهبت الجباية جملة أو دخلها النقص المتفاحش. وإذا قايس السلطان بين ما يحصل له من الجباية وبين هذه الأرباح وجدها بالنسبة إلى الجباية أقل من القليل. ثم فيه التعرض لأهل عمرانه واختلال الدولة بفسادهم ونقصه، فإن الرعايا إذا قعدوا عن تثمير أموالهم بالفلاحة والتجارة نقصت وتلاشت بالنفقات، وكان فيها إتلاف أحوالهم. " (1) هذا.
ولنذكر مثالين من تحديد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتدخله بما أنه كان واليا وحاكما في هذا السنخ من الأمور مقتصرا على قدر الضرورة: