أقول: إن كان اختلاف المتخاصمين يرجع إلى الاختلاف في الحكم الشرعي الكلي فترتب اعتبار الأعلمية في القاضي بينهما على اعتبارها في أمر التقليد واضح. وأما إذا كان اختلافهما في الموضوعات وكانت الشبهة موضوعية كما هو الغالب في الدعاوى فالترتب على تلك المسألة غير واضح. هذا.
ولكن الأصل في المسألة يقتضي اعتبار الأعلمية، فإنه القدر المتيقن.
وللقائل بعدم الاعتبار أن يستدل بوجهين:
الأول: إطلاق المقبولة والمشهورة والتوقيع الشريف ونحوها مما استفيد منه ولاية الفقيه والإذن له في القضاء. بل المشهورة بأحد النقلين تدل على كفاية التجزي أيضا كما مر، فيكفي المطلق غير الأعلم بطريق أولى.
ودعوى عدم كون المقبولة والمشهورة في مقام البيان من هذه الجهة بل في مقام الردع عن الرجوع إلى قضاة الجور، مدفوعة. إذ الظاهر كونهما في مقام بيان عقد النفي و عقد الإثبات معا، ولا سيما المقبولة فإنها تشتمل على سؤالين وجوابين مستقلين: الأول:
للردع عن الرجوع إليهم، والثاني: للإرجاع إلى الفقهاء من شيعتهم، فراجع.
الثاني: استقرار السيرة في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) على الرجوع والإرجاع إلى آحاد الصحابة من غير لحاظ الأعلمية مع وضوح اختلافهم في الفضيلة، بل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرجع بنفسه إلى بعض الصحابة مع وجود نفسه ووجود أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قال:
هو (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه: " أقضاهم علي بن أبي طالب. " (1) هذا.