16 - وفي سنن ابن ماجة بسنده عن معاذ بن جبل، قال: لما بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليمن قال: " لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم. وإن أشكل عليك أمر فقف حتى تبينه أو تكتب إلى فيه. " (1) 17 - وفي كنز العمال عن على (عليه السلام)، قال: قلت: " يا رسول الله، إن عرض لي أمر لم ينزل فيه قضاء في أمره ولا سنة كيف تأمرني؟ قال: تجعلونه شورى بين أهل الفقه والعابدين من المؤمنين ولا تقضي فيه برأي خاصة. " (طس وأبو سعيد في القضاة) (2) أقول: والخبران يوهنان ما في خبر معاذ من قوله: " أجتهد رأيي ولا آلو. " فيظهر منهما عدم الاعتبار بالرأي.
وكيف كان فأمر القضاء عظيم، وهو من أعظم شعب الولاية ويكون تصرفا في سلطة الغير. فالأصل يقتضي عدم صحته ونفوذه إلا أن يكون من قبل الله - تعالى - مالك الملك والملكوت أو من ولاه الله - تعالى - أو أجاز له ذلك من نبي أو وصى نبي.
والظاهر أن المقصود بالوصي الوارد في الرواية هو الأعم من الوصاية بلا واسطة أو معها، جعلت لشخص خاص أو لعنوان عام معرف بالمواصفات، فيشمل الفقهاء الواجدين للشرائط المجاز لهم القضاء في عصر الغيبة أيضا، فإن حاجة الناس إلى القضاء في كل عصر واضحة كما مر، ولا يمكن تعطيله وإهماله في عصر من الأعصار، كما لا يجوز تعطيل الولاية الكبرى، فيتعين له الفقيه الجامع للشرائط فإنه القدر المتيقن. ويستفاد أيضا من مقبولة عمر بن حنظلة ومشهورة أبي خديجة المتقدمتين، حيث منع الإمام فيهما من الرجوع إلى قضاة الجور وأرجع شيعته إلى من يعرف أحكامهم (عليه السلام). وظاهرهما اعتبار الاجتهاد والفقاهة في القاضي،