____________________
هو من موارد التخلف في الداعي، وذلك لأن التقييد إنما يتصور في الأمور الكلية التي لها سعة، وقابلة التقسيم إلى الأنواع، والأصناف، كالصلاة حيث إن لها أنواعا، وأصنافا كصلاة الفجر، ونافلتها، ونحو ذلك من الأقسام، وأما الأمر الخارجي الجزئي الذي لا يقبل التقسيم فلا يتصور فيه التقييد. نظير ذلك ما ذكروه من التفصيل في باب الايتمام إلى زيد فبان أنه عمرو، وقلنا هناك: إن ذلك غير قابل للتقييد، لأن الايتمام قد تعلق بهذا الشخص المعين وهذا غير قابل للتقسيم ولا سعة فيه حتى يتصور فيه التقييد والتضيق. وهكذا الأمر في المقام، فإن الأمر بالحج المتوجه إليه في هذه السنة أمر شخصي ثابت في ذمته وليس فيه سعة حتى يتضيق ويتقيد، والثابت في ذمته ليس إلا حجة الاسلام وقد أتى بها. فإن حج الاسلام ليس إلا صدور هذه الأعمال من البائع الحر المستطيع الواجد لجميع الشرائط والمفروض حصولها، فالصادر منه هو حجة الاسلام وإن كان جاهلا به ولا يعتبر قصد هذا العنوان في صحة الحج، غاية ما في الباب تخيل جواز الترك وعدم الوجوب، ومجرد تخيل الجواز غير ضائر في صحة العمل، كما لو فرضنا أنه صام في شهر رمضان ندبا بنية القربة، وكان جاهلا بوجوب الصوم فيه، فإنه لا ريب في الاكتفاء به، وعدم وجوب القضاء عليه. بل لو فرضنا أنه لو علم بالوجوب لم يأت به في هذه السنة ويؤخره لغرض من الأغراض نلتزم بالصحة أيضا لأنه من باب تخلف الداعي وليس من التقييد بشئ.