اعلم أن العلة الغائية اما واقعه تحت الكون أو هي أعلى من الكون فان كانت واقعه تحت الكون فهي اما أن تكون موجوده في القابل كوجود صوره الدار في الطين واللبن مثلا للبناء واما أن تكون موجوده في نفس الفاعل كالاستكنان وفي الجميع الغاية بالحقيقة هو السبب الأول لسائر العلل وذلك لأنه ما لم تكن الغاية متصوره في نفس الفاعل لم يجز ان يكون الفاعل فاعلا ولكنها معلول في الوجود الخارجي لسائر العلل إذا كانت واقعه تحت الكون ففي القسم الأول (1) منها نقول إذا قيس إلى الفاعل من حيث إن تصوره صار محركا له وعلة لكونه فاعلا كان غاية وغرضا وإذا قيس إلى حركه (2) كان نهاية لا غاية لان الغاية يؤمها الشئ فلا يصح ان يبطل مع وجودها الشئ بل يستكمل وحركه تبطل مع انتهائها وإذا قيس إلى الفاعل من حيث استكماله به وكان قبل فيه بالقوة فهو خير لان مزيل القوة مكمل والعدم شر فالحصول والوجود بالفعل يكون خيرا وإذا قيس إلى القابل من حيث هو قابل وبه صار بالفعل فهو صوره فله نسبه إلى أمور أربعة وبكل حيثية له اسم خاص وفي القسم الثاني فإذ هو صوره أو عرض في الفاعل إذا نسب اليه من حيث استكماله به كان خيرا ومن جهة انه مبدء حركته كان غاية فقد تحقق ان كل غاية فهو باعتبار غاية وباعتبار آخر خير اما حقيقي أو مظنون كبعض الحركات التي مبدئها التخيل الصرف دون القصد الفكري والطبيعة ولك ان تعلم أن غاية الفاعل القريب الملاصق لتحريك المادة صوره في المادة وما ليست غايته صوره في المادة فهو ليس فاعلا قريبا فان اتفق ان يكون الذي غايته صوره في المادة والذي غايته ليست صوره في المادة امرا واحدا كانت فاعليته مختلفه بالقرب والبعد والمباشره
(٢٦٨)