(ومن يطع الله والرسول، فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) (1).
ولا ندري كيف أصبحت هذه الآية إشارة إلى ان المراد بكلمة (شهيدة) في الرواية هو الشهادة على الناس، كما هو شأن الأنبياء الذين اصطفاهم الله، واختارهم لمقام الشهادة؟! ولماذا لا يكون المراد هو الشهداء بمعنى الذين يقتلون في سبيل الله؟!.. فإن كلمة (الشهداء) قد اقترنت مع كلمة (النبيين، والصديقين، والصالحين)، فليس المراد بها الأنبياء الذين يشهدون، ولا الصالحون الذين يشهدون، بل هي إلى إرادة المقتولين في سبيل الله أقرب، وبهم أنسب.
3 - وحتى لو غضضنا النظر عن ذلك، فإن جزمه ويقينه بأن المراد بالآية هو مقام الشهادة على الناس بلا جهة، لأن إرادة هذا المعنى من آية أخرى لا يعني أنه هو المراد في هذه الآية وفي تلك الرواية أيضا..
4 - على أن هذا البعض يشترط في مثل هذه الأمور الدليل المفيد لليقين، فأين هو هذا الدليل الذي أفاده اليقين بإرادة الشهادة على الناس يوم القيامة؟..
5 - أما بالنسبة للآية الثانية التي استشهد بها وهي قوله تعالى: (يوم نبعث من كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم ((2).
فإن الاستشهاد بها اغرب واعجب، وذلك، لأنها تحمل في داخلها قرينة صريحة على أن المراد بها الشهادة على الناس وهي قوله: (عليهم من أنفسهم.. (إذن، فما معنى جعلها شاهدا ودليلا على إرادة الشهادة على الناس في مورد آخر، مع أن هذا المورد الآخر ليس فيه هذه القرينة الصريحة؟! ويكون تجرده عن القرينة داعيا إلى حمله على إرادة المعنى الأصلي، وهو الشهادة بمعنى القتل في سبيل الله.
6 - إنه إذا كان ما ذكر في القرآن من آيات تتحدث عن مقام الشهادة على الأمة قرائن على المراد من كلمة (إن فاطمة صديقة شهيدة) فلماذا لا يكون ما جرى على الزهراء، من ضرب وقهر، وإسقاط جنين، واعتلال، ومرض مستمر وكسر ضلع، وبقاء آثار الضرب إلى حين الوفاة، حتى إن في عضدها كمثل الدملج..