حول لهم ولا قوة، من الفقراء والضعفاء الذين جاؤوا للصلاة، أو لتمضية الوقت، والذين ينأون بأنفسهم عن المشاكل والمتاعب.
فإذا خرج عليه السلام إلى القوم. وهم وأعوانهم في المسجد، دون سواهم، فإما أن يستجيب لمطالبهم. فيضيع الحق بذلك.. وإما أن يرفض فتثور الثائرة. ولا يوجد أحد ينقل الحقيقة للناس.. بل الموجودون هم خصوم علي ومناوئوه فقط..
فهل تراهم سوف ينقلون للناس حقيقة ما جرى. وسيعرفون الناس بأنهم هم المعتدون الغاصبون الظالمون لعلي؟!..
وإذا كان الحكم والإعلام بيدهم، فكيف سينقلون الصورة للأجيال، وما هي طبيعة الشائعات التي سيطلقونها، والأعذار التي سيتذرعون بها؟!..
إن الأجيال التي ستأتي سوف تعتبر أن السلطة أمر تهفو له النفوس، ويتنافس عليه الطامحون. ومن الذي سيعلمها ويبين لها: أن عليا لم يكن طالب سلطة كغيره من الناس وبذلك ينسد باب المعرفة للحق.. على جميع الأجيال..
وأما إذا أجابت السيدة الزهراء الطاهرة، والتي كانت مفجوعة بأعظم إنسان خلقه الله، والذي أخرجهم من الظلمات إلى النور والذي دفن للحظات خلت.. فمن المناسب هو أن يعاملوها معاملة تليق بها، وبموقعها، وتتناسب مع الظرف الذي تعيشه..
فإذا عاملوها بضد ذلك.. فان الناس كلهم سوف يدركون أنهم معتدون ظالمون، وأنهم قد أتوا ليغتصبوا أمرا خطيرا هو أهم في نظرهم من كل شئ، لا سيما وأن هذا الحدث قد حصل في مكان هو من أقدس الأمكنة وهو مسجد الرسول وحصل عند قبر رسول الله (ص) مباشرة وفي بيت الزهراء، بالذات.. ولم يحصل في الشارع.. وقد حصل أيضا بعد دفن الرسول مباشرة..
ومع البنت الوحيدة لهذا الرسول.
ومع امرأة لا تقوى على الدفع عن نفسها أمام جماعة كبيرة من الرجال..
ومع من يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها..
إلى غير ذلك من خصوصيات.. من شأنها أن تزيد الأمر وضوحا لمن يريد أن يفكر بالامر بأناة وتجرد..