الروايات التي تحدثت عن الحيض كعلامة للبلوغ، إنما أرادت أنه علامة على البلوغ في خصوص صورة الاشتباه في مقدار السن.
وهي علامة مبنية على الغالب لا يلتفت معها إلى الشاذ النادر جدا، فإذا علم البلوغ بالسن كان هو المعيار، فلو خرج دم بصفة دم الحيض قبل سن التاسعة لا يعتد به، بل يعتبر استحاضة (2).
ومهما يكن من أمر، فمع الاشتباه في السن فإن الدم لا يكون علامة على البلوغ إلا بعد التسع، فإذا علم بالحيض فقد علم بتجاوز التسع سنين.
ويبقى لنا هنا سؤال وهو:
ماذا لو تأخر دم الحيض (معيار النضج الجنسي لدى الفتاة)، وكذلك تأخر خروج المني لدى الشاب إلى السادسة عشرة، أو الثامنة عشرة، أو أكثر؟!
فهل يحكم بتأخر البلوغ تبعا لذلك؟!، فإذا كان الجواب بالإيجاب، فما معنى كون البلوغ بالخامسة عشرة لدى الشباب؟! وبالثالثة عشرة لدى الفتاة حسبما صرح به نفس هذا القائل في موارد أخرى؟!.
وإذا كان الجواب بالنفي فذلك هو ما نريد بيانه وتقريره، وهو أن الحيض ليس هو الميزان في البلوغ.
ثانيا: إن الآية لم تبين لنا: أن المقصود، هل هو فعلية حصول قذف المني، وخروج دم الحيض؟ أو حصول القابلية؟ فإن القابلية تبدأ من سن التاسعة، كما يستفاد من الروايات الآتية إن شاء الله.
ومما يشير إلى ذلك: أنها عبرت ببلوغ النكاح وهذا يحصل بحصول القابلية له ولم تشر إلى ما سوى ذلك.
ثالثا: ليس في الآية الكريمة حديث عن البلوغ الشرعي، وإنما هي قد حددت شرطي تسليم أموال اليتامى إليهم، وهما: الرشد، وبلوغ النكاح، أي صيرورة اليتيم أهلا للزواج. فالأهلية للزواج شرط لدفع المال إليه، وإن كان الذي أصبح أهلا للزواج ربما يكون قد وضع عليه قلم التكليف قبل ذلك