فإذا بالغيارى على الدين يتنادون لمجابهة هذا الخطر الداهم الذي يقوض إيماننا وقيمنا الروحية وإذ بمثقفينا (يطرحون الصوت) للاعتصام في نقابة الصحافة من أجل الدفاع عن (الحرية) و (الديموقراطية) و (حقوق الإنسان) لمواجهة هذه (الأصولية) الزاحفة علينا من غياهب القرون الوسطى.
أحب أن أصارح القارئ أنني لست من المعجبين بمارسيل خليفة ولا بموسيقاه ولا بصوته. فقد أتيح لي ان استمع إلى بعض أغنياته وكنت كلما سمعتها أكاد أصاب بالغثيان، فأغانيه عبارة عن مقطوعات رتيبة ذات نمط واحد لا يتغير وتكاد لا تصلح إلا لمناسبات البكاء والنواح كعاشوراء في (الحسينيات) أو (أسبوع الآلام) في الكنائس.
ولكن القضية ليست هنا.
القضية هي التذرع بالكتب المقدسة كلما تعلق الأمر بالإبداع والتجديد والخروج على ما وضعه (السلف الصالح) من قوالب جامدة وأحكام ثابتة لا تحول ولا تزول وإرغام الناس على التقيد بها وتنصيب رجال الدين أنفسهم حراسا عليها وحماة لها.
فمن أعطاهم هذا الحق؟
وفي الموضوع الذي نحن بصدده من أعطى الجهات الدينية الحق في أن تحكم و (تفتي) بجواز هذا الأمر أو عدم جوازه؟
فالذين أقاموا القيامة على مارسيل خليفة ولم يقعدوها وأوصلوها حتى إلى القضاء، حجتهم في ذلك أن (أغنية يوسف) قد ورد في القرآن ذكرها وأنه لا يجوز التغني بالآيات القرآنية. مع أن الآية الرابعة من سورة المزمل تنص: (ورتل القرآن ترتيلا (. والترتيل القرآني قد فسر تفاسير عديدة. منها مثلا أنه إذا قرأت القرآن فاقرأه بصوت منخفض أو إذا قرأته فاقرأه بكلمات واضحة وبطيئة. ومنها أيضا ن تقرأه بصوت مختلف عن القراءة العادية بحيث يكون له وقع مختلف في أذني المستمع وفي عقله. ومنها أيضا أن تقرأه بصوت رخيم. وقد ورد في قاموس (المنجد) أن الترتيل، إذا كان يقصد قراءة القرآن، فذلك يعني أن تقرأه بتأنق في تلاوته. أما عند المسيحيين فترتيل الصلاة يعني أن تتلوها ملحنة).
ثم يقول:
(والآن من هو هذا اليوسف، الذي يكاد يصبح الشغل الشاغل للبنانيين في هذه الأيام؟!
تخبرنا التوراة تفصيلا والقرآن لماما أن يوسف هذا كان أحد أبناء يعقوب الملقب بإسرائيل (لأنه حسب الرواية التوراتية أسر الله الذي تبدى له بصورة إنسان طرحه أرضا