فيما تقدم من هذا الكتاب، فلا نعيد، وأشرنا إلى ذلك أيضا في الوقفة القصيرة السابقة غير أننا نضيف: أننا لا ندري ماذا يعني هنا بقوله:
" إن الاقتناع بالكفر لا يجعل الإنسان مرتدا، ولا يكون قد ارتكب بذلك جريمة "!!
فإن كان يريد به ما يفهم منه كل أحد، فإن المصيبة ستكون عظيمة.. وإن كان يريد منه أمرا آخر. فإن المصيبة تكون في قدرته على البيان أعظم..
3 - لا ندري ما هو دليل هذا البعض على أن الإعلان بالكفر هو الجريمة.. فإنه عليه السلام قد قال: (إنما يكفر إذا جحد)، سواء أكان قد أعلن هذا الجحود أم لم يعلنه. فما هو ربط هذا الدليل بتلك الدعوى.
4 - ولو سلمنا ذلك، فلا يصح تحديد مستوى هذا الإعلان، بأن يؤدي إلى الاهتزاز والارتباك داخل النظام العام للدولة والمجتمع. إذ يكفي مجرد أن يعلن ذلك، ليستحق بذلك العقوبة، ويجري الحكم الإسلامي في حقه، وإن لم يترتب على إعلانه أي إرباك لا في الدولة ولا في المجتمع.
5 - بل إن الإرتداد الفكري حتى على مستوى الشك، ولو لم يصل إلى حد أن الإعلان به قد يحدث، اهتزازا و إرباكا في الدولة وفي المجتمع، هو أمر مرفوض في الإسلام، وله أحكامه وآثاره على فاعله، وعلى غيره. فلماذا لا يعتبره جريمة يستحق فاعلها العقاب بالقتل. فإن النتائج على هذا الصعيد واحدة..
6 - إن ما ذكره من أن الارتداد قد يحدث اهتزازا وارتباكا قد يسيء إلى القاعدة التي يرتكز عليها توازن المجتمع.. لا يجدي شيئا، فإنه لا يتعدى دائرة الاحتمال إذ إنه كما قد يسيء، هو أيضا قد لا يسيء وقد لا يحدث اهتزازا ولا ارتباكا وفي هذه الصورة الأخيرة، فهل ذلك يعنى ترك العقوبة؟! وحتى في الصورة الأولى، فإنه لو أساء فلابد أن يثبت أن الإساءة تصل إلى درجة توجب جعل عقوبات رادعة عنها؛ فمجرد وجود احتمال من هذا القبيل لا يبرر إصدار أحكام قاطعة بهذا المستوى من الخطورة..
7 - ثم إننا نسأل هذا البعض: من الذي قال له: إن حكم قتل المرتد يرتبط بالاهتزاز والارتباك في النظام العام؟ وإن ملاك الحكم هو ذلك، فهل أطلعه الله على غيبه؟!. أو كشف له عن ملاكات أحكامه؟! أليس هذا مجرد تكهن