المشاعر الحميمة للناس، يكون فكرا مجرد فكر، قد يقبله الآخرون، وقد لا يقبلونه، ولكن إذا اضطهدته، ومنعت الناس من أن يقرأوه، ولاحقت الذين يلتزمونه بشكل أو بآخر، فإن معنى ذلك، أن الباطل سوف يأخذ معنى الشهادة، وسيكون (الفكر الشهيد) الذي لا يحمل أية قداسة للشهادة، لأن الناس تتعاطف مع المضطهدين، لا الناس المضطهدين، حتى مع الفكر المضطهد، مع الحب المضطهد، ومع العاطفة المضطهدة، لذلك نحن نعطي الباطل قوته، عندما نمنعه حريته، ولكننا عندما نعطيه الحرية، ثم نأخذ حريتنا في مناقشته بالأساليب العلمية الموضوعية، فإنه إذا لم يبتعد عن الساحة تماما، سينكمش وسيأخذ مكانا صغيرا له في الساحة.. بعض الناس سواء كانوا سياسيين، أم كانوا علماء دين، أم كانوا مثقفين، لا يحبون أن يتعبوا في مواجهة الفكر الآخر، ولذلك فإنهم يحبون أن يقمعوا الفكر الآخر ليرتاحوا من الجدل والمجادلين، ومن الحوار والمحاورين بعض الناس لا يحبون أن يدخلوا في مواقع الحوار، ولذلك فإنهم يضطهدونك لأنهم لا يريدون أن يتعبوا في مناقشتك " (1).
وسئل البعض:
تقوم بعض المراكز الدينية الرسمية في العالم العربي والإسلامي بمصادرة بعض الكتب التي تعتبر أن مضامينها تحمل شيئا من التحدي للإسلام، ألا تعتقدون أن أعمالا كهذه تصنع من أفكار هؤلاء (أفكار شهداء) يتعاطف الجمهور معها؟
فأجاب:
" نحن قد نتفق مع هذه المراكز الدينية الرسمية وقد نختلف معها في تقويم أن هذا الكتاب أو غيره مخالف للإسلام أو غير مخالف. ولكننا لا نعتقد أن مصادرة هذه الكتب يمكن أن تحقق النتائج التي يريدها هؤلاء ويعتقدون أن من واجبهم المحافظة على الإسلام، بمصادرة هذه الكتب التي تتحدث عن الإسلام بشكل سلبي، عن عقيدته وشريعته ومقدساته، لأننا بحسب التجربة، رأينا أن مصادرة الكتب ومهاجمة الكتاب تجعل شعبية للكتاب المصادر، وشعبية وتأييدا للكاتب، قد لا تحدث هذه الشعبية فيما لو أخذت هذه الكتب طريقها بسلام..
نحن نقول، ربما كان الواقع السياسي والثقافي في الماضي يجعل من مصادرة الكتاب أو منعه من الانتشار وسيلة من وسائل تقوية الحق وإضعاف الباطل.. أما الآن فإن الوقوف ضد الكتب يقوي الباطل ويضعف الحق، لأن القوى المعادية تعلن معركة