غاية فلا يضل في سلوكه) لا يقتضي إلا أن يصل الوحي إلى الناس - لهدايتهم - كاملا غير منقوص. وهذا ما يؤكد وصوله عن طريقه من غير خطأ.
ولا ملازمة بين ذلك، وبين العصمة، فإن من الممكن من الناحية التجريدية أن يخطئ النبي في تبليغ آية أو ينساها في وقت معين، ليصحح ذلك، ويصوبه بعد ذلك، لتأخذ الآية صيغتها الكاملة الصحيحة " (1).
" وإذا قيل: إن احتمال الخطأ والنسيان إذا كان واردا في الحالة الأولى، فهو موجود في الحالة الثانية، مما يؤدي إلى فقدان الأساس الذي يحصل من خلاله الإيمان بواقع الآية في الوحي المنزل، فلا يصير الإنسان إلى يقين بذلك!!
فإن الجواب هو:
من الممكن تقديم القرائن القطعية في الحالة الثانية التي تؤدي إلى اليقين، تماما كما قيل في مسألة سهو النبي - في رأي الشيخ الصدوق - على أساس بعض الروايات التي أوضح النبي فيها القضية من دون لبس، بالطريقة التي اقتنع فيها الناس بأن المسألة كانت سهوا - كأي سهو آخر مما يحدث للناس - لو صحت الرواية.
إن قضية الغرض الإلهي في وصول الوحي إلى الناس، لا يستلزم إلا الوصول في نهاية المطاف من غير خطأ، ولكن لا مانع من حدوث بعض الحالات التي يقع فيها الخطأ، لا ليستمر، بل لينقلب إلى صواب تؤكده القرائن القطعية التي توحي بالحقيقة في وجدان الإنسان.
ويتابع العلامة الطباطبائي حديثه في العصمة ليشمل - في استيفاء هذه الآية مع آية ثانية - العصمة عن المعصية في العمل فيقول:
يمكن تتميم دلالتهما على العصمة من المعصية أيضا بأن الفعل دال كالقول عند العقلاء، فالفاعل لفعل يدل بفعله على أنه يراه حسنا جائزا كما لو قال: إن الفعل الفلاني حسن جائز، فلو تحققت معصية من النبي وهو يأمر بخلافها لكان ذلك تناقضا منه، فإن فعله يناقض حينئذ قوله، فيكون حينئذ مبلغا لكلا المتناقضين، وليس تبليغ المتناقضين بتبليغ للحق، فإن المخبر بالمتناقضين لم يخبر بالحق لكون كل منهما مبطلا للآخر، فعصمة النبي في تبليغ رسالته لا تتم إلا مع عصمته عن المعصية وصونه عن المخالفة كما لا يخفى.
ونلاحظ على ذلك، أن ما ذكره من دلالة الفعل على نهج دلالة القول صحيح