- من ناحية المبدأ - وذلك في الحالة العادية الطبيعية للتعبير الإنساني بواسطة النقل، ولكن قد ينطلق الفعل من الإنسان على أساس الواقع العملي الذي قد يتحرك فيه من خلال أوضاعه الشخصية الخاضعة لبعض النزوات الطارئة بفعل الضغوط الداخلية أو الخارجية الحسية والمعنوية، فيتراجع عنها لمصلحة المبدأ الذي كان قد بينه للناس من موقع الوحي أو نحوه، تماما كما هي الحالة الجارية في سلوك المصلحين والرساليين - حتى الأتقياء منهم - في انحراف خطواتهم العملية عن الخط الرسالي أو الإصلاحي أو التقوائي بشكل طارئ، لا يتحول إلى إصرار، على هدى ما جاء في قوله تعالى: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ((الأعراف: 201).
أو على ما حدثنا الله به عن آدم عليه السلام في معصيته، ولو كان ذلك على طريقة عصيان الأمر الإرشادي، ثم توبته بعد ذلك، فإن مثل هذا لا يوحي بالتناقض، لأن الفعل لم يتحرك في أجواء الدلالة التعبيرية عن الفكرة التي عبر عنها القول، لأن مقامه ليس هذا المقام.
وفي هذه الحال ليست هناك طريقة عقلائية في موضوع الدلالة.
إننا نتصور أن هذا الأسلوب الإستدلالي في تقرير العصمة في القول والفعل لا يملك القوة في الإستدلال من خلال المناقشات المذكورة وغيرها، فلا بد من اللجوء إلى أدلة أخرى قد يكتشف الإنسان فيها أن النبوة حدث غير عادي في معنى الرسالة، لأنها حركة إلهية في هداية البشرية إلى الله، وتغيير الحياة على صورة أخلاق الله، مما يفرض إنسانا يعيش الرسالة في عمقه الروحي، وتأمله الفكري، وأخلاقيته العظيمة في صدقه مع ربه ونفسه، ومع الناس، وأمانته في ماله ودينه، ومسؤوليته، وإنسانيته، بحيث تكون الرسالة التي يحملها منسجمة مع الروح التي يتجسد فيها، لتكون الرسالة جسدا يتحرك، ويكون الجسد رسالة تنفتح على الله، وعلى الإنسان والحياة في اتجاه التغيير.
إن هذا الدور التغييري، الذي يستهدف تغيير الإنسان بالكلمة والقدوة، بحاجة إلى الإنسان الصدمة الذي يصدم الواقع الفاسد بكل قوة، الأمر الذي ينفتح فيه اللطف الإلهي على إعطاء المزيد من القوة الروحية، والأخلاقية، والفكرية والعصمة العملية لهذا الإنسان، سواء أكان ذلك بالطريقة التي يبقى فيها عنصر الاختيار له لسلوك الاتجاه المضاد، أم كان بطريقة أخرى، لا يبقى فيها له ذلك العنصر، لأن القضية هي حاجة البشرية إليه، أما قضية الثواب وعلاقتها