اعتبار الرضا في التجارة، والاستدلال بالآية على اعتبار الرضا يتم بأحد الاحتمالين الأولين.
وقد أورد على الاستدلال بها بمنع دلالتها على الحصر لكون الاستثناء منقطعا لعدم كون التجارة عن تراض فردا من الأكل الباطل وخارجا عن حكمه بالتخصيص، وبمنع كون الوصف في مقام التحديد لاحتمال كونه واردا مورد الغالب ولتساوي الاحتمالين الأولين مع الأخير، فلا معين للحمل على أحدهما على تقدير تمامية دعوى الحصر والتحديد هذا، ولكنه لا يخفى ما فيه لما تقدم في بيع المكره من المنع عن كون الاستثناء منقطعا بل هو استثناء متصل والمستثنى منه هو قوله تعالى لا تأكلوا أموالكم لا خصوص كلمة باطل وإنما جيئ بكلمة (باطل) تعليلا للنهي فيصير مفاد الآية حرمة أكل الأموال بما عدا التجارة عن تراض فالمنع عن إفادة الآية المباركة للحصر ساقط جدا كما أن احتمال كون كلمة عن تراض خبرا بعد خبر بعيد في الغاية.
فالحق في الجواب عن الاستدلال بها هو ما تقدم في بيع المكره من كون الآية دالة على اعتبار مقارنة الرضا مع التجارة بالمعنى الاسم المصدري أعني التكسب والنقل والانتقال ووقوع أثر البيع وهذا مما لا كلام فيه سواء قلنا في باب الإجازة بالنقل أو بالكشف الحكمي بل الحقيقي أيضا إنما الكلام في دخل الرضا في التجارة بالمعنى المصدري أعني انشاء التجارة بالعقد، ليكون مما يعتبر في العقد كالعربية والماضوية ونحوهما، والآية لا تدل عليه فهي أجنبية عن الدلالة على بطلان الفضولي كما لا يخفى، و كذلك الكلام في (أوفوا بالعقود) إذ هو أيضا دال على وجوب الوفاء بكل عقد بمعنى الاسم المصدري.