في طلبه البينة منه في الدعوى عليه، مع أنه لا يطلب من غيره إذا ادعى هو على ذلك الغير، فحاصل إنكاره (عليه السلام) أنه لم فرق بينه (عليه السلام) وبين الناس في طلب البينة، ولو كان لا يقبل من المدعى عليه البينة لكان أولى بالإنكار عليه في مقام المجادلة.
وليس في قبال هذه المذكورات إلا دعوى: أن قوله (صلى الله عليه وآله): «البينة للمدعي واليمين على من أنكر» (1) يقتضي عدم سماع البينة من المنكر - حيث إن التفصيل قاطع للشركة - وخبر منصور، والمرسل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) السابقين، والرضوي (عليه السلام) الأول، والإجماع الذي ادعاه سيد الرياض.
والجواب: أن المراد من قوله (صلى الله عليه وآله): «البينة للمدعي...» إلى آخره، بيان الوظيفة الأولية للمدعي والمنكر وإلا فلا مانع من سماع البينة للمنكر أيضا، كما أن للمدعي أيضا اليمين المردودة واليمين التي هي جزء البينة واليمين الاستظهاري، وأيضا يمكن أن يقال: القدر المعلوم من الخبر أنه لا يلزم المنكر بالبينة وإنما يلزم باليمين لا أنه لا تقبل منه البينة. وأما خبر منصور (2) والمرسل (3) - فمضافا إلى ضعفهما وموافقتهما لما يحكى عن ابن حنبل (4) من العامة - لا يقاومان ما تقدم من الأدلة خصوصا أخبار المقام الظاهرة في حجية بينة المنكر أيضا وتقديمها على بينة المدعي في بعض الصور. وأما الرضوي (عليه السلام) (5) فلم يعلم كونه خبرا. وأما الإجماع الذي ادعاه السيد فمع اختصاصه بصورة عدم التعارض غير ثابت، بل محل منع.