وإن كان فاسدا مثل أن تزوجها مفوضة المهر أو أصدقها مهرا مجهولا أو خمرا أو خنزيرا سقط المسمى ووجب مهر المثل فإن أبرأته عن العين المسماة في العقد لم يصح، لأنها ما ملكت المسمى فلا يصح أن تبرئه عنه.
وهكذا إن قبضت هذا المهر ثم ردته إليه هبة له كان هبة باطلة لا يتعلق بها حكم، لأنها قبضت ما لا تملك ووهبت ما لا تملك.
وإن أبرأته عن مهر المثل الواجب بالعقد نظرت، فإن كانت تعرف قدره ومبلغه فالبراءة صحيحة لأنها براءة عن أمر واجب معلوم، وإن كانت جاهلة بقدر مهر المثل فالبراءة باطلة، وهكذا إذا كان له على رجل مال مجهول، فضمنه عنه ضامن كان الضمان باطلا، فضمان المجهول باطل، والبراءة عن المجهول باطلة، فلا يصح ضمان المجهول ولا الإبراء عنه وقال قوم يصحان معا وهو الذي يقوى في نفسي.
فإذا ثبت أن الإبراء عن المجهول لا يصح فإن أبرأه عن مجهول لكنه يتحقق بعضه مثل أن يعلم أن له عليه دينا لكنه يجهل مبلغه ويقطع أنه لا يزيد على مائة فأبرأه عماله عليه، قيل فيه وجهان: أحدهما يصح فيبرء عن القدر الذي يتحقق ولا يبرء عن غيره، والثاني لا يصح لأنه لما لم يبرء عن الكل لم يبرأ عن البعض ألا ترى أنه لو ضمن هذا الحق عنه لم يصح، لأنه لما لم يصح ضمانه في الكل لم يصح في البعض.
فإذا أراد أن يصح الإبراء عن المجهول فالحيلة فيه أن يعطيها ما يقطع أنها يستحقه مثل أن يجهل مهر مثلها فيقطع أنه لا يبلغ مائة فيعطيها عشرة ثم يقول لها أبرئني من درهم إلى ألف فيكون صحيحا، لأنها قبضت العشرة بحق قطعا، وأبرأته عن الزيادة.
إذا كان له مائة درهم عند رجل فنسيها، أو كانت له عنده وهو لا يعلم بها، فقال له: قد أبرأتك عن مائة درهم، ثم بان له أنه كان يملكها لم يصح عند من لا يجيز الإبراء عن المجهول، وقال بعضم يصح لأنه أبرأه عن مقدر معلوم واجب له، فإذا صادف ملكه صح، وعلى ما اخترناه يصح، وهكذا لو اشترى شقصا في شركته ولم يعلم،