بينهم أو يعرض عنهم، وعندنا أنه مخير بين أن يحكم أو يردهم إلى أهل ملتهم.
فمن قال يجب أن يحكم بينهم إذا استعدى واحد منهم على صاحبه، فعلى الحاكم أن يعدي عليه، وعلى الخصم أن يجيب الحاكم، ويحضر الحكم بينه وبين خصمه ومن قال لا يجب عليه، قال لا يجب عليه أن يعدي له على خصمه، ولا يجب على الخصم أن يحضر، إن بعث إليه الحاكم، بل له أن يمتنع ولا يحضر.
وإن كانا من أهل ملتين، قيل فيه قولان، منهم من قال يجب، وعندنا أنها مثل الأولى سواء، ومنهم من قال: إن كان من حقوق الله يلزمه على كل حال ومنهم من قال إن كان من حقوق الناس وجب، وإن كان من حقوق الله لا يجب.
فأما إن كانا مستأمنين، فإنه لا يجب عليه أن يحكم بينهما بلا خلاف، لعموم الآية والأخبار.
فأما الكلام فيما يحكم به بينهم وكيفيته، فجملته أنهما إذا ترافعا إليه في حكم من جميع الحقوق حكم بينهم بما يصح في شرعنا، فإذا ترافع إليه رجل وامرأته لم يخل من أحد أمرين إما أن تكون في ابتداء النكاح، أو في استدامته، فإن كان في ابتدائه وهو أن يستأنفا نكاحا فإنه يعقده لهم على ما يعقده للمسلمين، وعند بعضهم بولي رشيد في دينه، وشاهدي عدل ورضا الزوجة، والولي المناسب لها أولى بإنكاحها من كل أحد، ويعتبر العصبات كما يعتبره في المسلمين على السواء فأما الشهود فلا يجوز إلا من المسلمين، وعند قوم يجوز بكافرين، وعندنا أن الشهادة ليست من شرط انعقاد النكاح، مثل ما قلناه في المسلمين سواء، وأما المنكوحة فمن يجبر، ولا يجبر على ما مضى في المسلمين.
وأما الكلام في استدامته، فإذا ترافعا إلينا فإنما ينظر إلى الحال، فإن كانت مما يجوز أن يبتدئ النكاح عليها حكم بصحته بينهما بعد أن يكون الواقع في الشرك يعتقدونه صحيحا لازما.
والأصل فيه: كل نكاح لو أسلما عليه أقرا عليه، فإذا ترافعا وهما مشركان معا حكم بصحته بينهما.