" ولم نقف على مأخذه، والقياس باطل، وطريق الحكم مختلف، وعلل بأن القيام يستلزم النهي عن المنكر من حيث إنه إعراض عن فاعله وإهانة له، فيجب لذلك ويحرم تركه بالمقام عليها، وفيه نظر، لأن النهي عن المنكر إنما يجب بشرائط من جملتها جواز التأثير، ومقتضى الروايات تحريم الجلوس والأكل حينئذ وإن لم ينه عن المنكر ولم يجوز تأثيره، وأيضا فالنهي عن المنكر لا يتقيد بالمقام، بل بحسب مراتبه المعلومة على التدريج وإذا لم يكن المقام من مراتبه لا يحرم فعله ".
وفي كشف اللثام " وبالجملة يحرم الجلوس على مائدة يعصى الله عليها، بل حضور مجلس يعصى الله تعالى فيه، إلا أن يضطر إليه أو يقدر على إزالة المنكر، لوجوب إنكاره، ولأن مجلس العصيان في معرض نزول العذاب بأهله، ويؤيده قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم (1): " ولا تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، فإن العبد لا يدري متى يؤخذ ".
وفيه ما لا يخفى، واحتمال إرادة حضور مطلق المجالس المنعقدة على المعاصي والمعدة لها من تلك النصوص - وإن ذكر فيها الخمر باعتبار غلبة استعماله في ذلك الوقت مع الغناء والرقص والضرب بالعود ونحوها مما هو شائع في تلك الأزمنة - يدفعه عدم ظهور النصوص المزبورة بل والفتاوى فيه، بل يمكن دعوى ظهورهما خصوصا النصوص في غيره، ولا يبعد كون الحكم المزبور تعبديا لا يتعدى منه إلى غيره. نعم لو حصل مقتض للحرمة من وجه آخر فلا بأس بالقول بها، ولكن هي غير حرمة نفس المائدة بمجرد شرب شخص ممن هو عليها خمرا أو مسكرا التي هي المرادة من النص والفتوى.